أكد عقاريون أن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام رسوم الأراضي البيضاء، والذي كان من أبرز ملامحه فرض رسم سنوي على كل أرض فضاء مخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري داخل حدود النطاق العمراني، مملوكة لشخص أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الصفة الاعتبارية غير الحكومية، وذلك بنسبة 2.5% من قيمة الأرض، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للنظام معايير تقدير قيمة الأرض والبرنامج الزمني لتطبيق الرسم بشكل تدريجي والضوابط اللازمة لضمان تطبيق الرسم بعدالة ومنع التهرب من دفعه جاء ليحل أزمة الإسكان بالمملكة.
كما يقضي النظام بإيداع مبالغ الرسوم والغرامات المستحصلة من مخالفي النظام في حساب خاص لدى مؤسسة النقد العربي السعودي يخصص للصرف على مشروعات الإسكان وإيصال المرافق العامة إليها وتوفير الخدمات العامة فيها، وتُعد وزارة الإسكان اللائحة التنفيذية له بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وتصدر بقرار من مجلس الوزراء خلال مائة وثمانين يوماً من تاريخ صدور النظام، وأن يُعمل بهذا النظام بعد مائة وثمانين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
ووصف العقاريون القرار وفاعليته بالإيجابي، لكنهم في الوقت نفسه أبدوا تخوفهم من ألا يطبق، أو يطبق بالشكل غير الصحيح، خاصة وأن هناك قرارات مرّ على صدورها أكثر من 10 سنوات ولم تأخذ حقها التنفيذي، وذلك وفقاً لما أوردته صحيفة اليوم.
مشيرين إلى أن القرار سوف يحرّك بعض الأنشطة العقارية، تحديدا قطاع التطوير العقاري، داعين الجهات التمويلية للقيام بدور أكبر في دعم هذا القطاع من خلال تسهيل القروض، وتقليل إجراءات الضمانات، مشددين على ضرورة قيام كيانات عملاقة في مجال التطوير العقاري، وإيجاد نظام لتصنيف المطوّرين العقاريين على عقار تصنيف المقاولين، والرسوم لا تفك الاحتكار؛ لأن الاحتكار بهذا المعنى غير موجود في سوق العقار، وإنما توجد أراض محبوسة يرفض -أو يعجز- القائمون عليها من البت في أمرها، وتركها فضاء، لا بيع ولا بناء، ويفترض أن يكون النظام قد حمل حلا جذريا لهذا النوع من الأراضي.
موضحين أن هذا القرار جاء من أجل إدخال الأراضي البيضاء المحبوسة او المحتكرة إلى نطاق التداول، تمهيداً لأن تكون في متناول المواطنين الراغبين في الحصول على السكن أو الشركات العقارية المطورة لتقديم منتجات سكنية متنوعة تتناسب مع كافة شرائح المواطنين الباحثين عن مسكن مناسب، وبالتالي معالجة الفجوة بين العرض والطلب.
ولفت عقاريون إلى أنه في الوقت الذي يعاني اكثر من 70% من المواطنين من عدم امتلاك سكن، نجد أن مساحات شاسعة من الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني لا تزال خارج نطاق البناء والتعمير، ويصّر ملاكها على حبسها أملا في الحصول على أسعار أعلى أو التعامل معها كوعاء لحفظ الأموال، والحكومة الرشيدة بدورها قامت بعدة إجراءات لتجاوز هذه المعضلة، من خلال تفعيل المنح، والإسراع في تطويرها، وزيادة رأسمال صندوق التنمية العقاري، رفع قيمة القرض، وحث البنوك على التسهيل في مسائل التمويل العقاري، وأضافت إلى كل ذلك قرار فرض الرسوم.
والسيناريو يتجه إلى أن الأرض البيضاء إذا بقيت بيضاء فلم تبع ولم تطور ولم يتغير حالها، ولم تدخل نطاق الخدمة، سوف تفرض عليها رسوم سنوية، ما يضع مالكها أمام خيارين، إما إبقاء الارض على حالها وتحمّل الرسوم السنوية، وإما بيعها أو تحويلها الى منتج عقاري آخر والاستفادة منها على الصعيد الشخصي، وبالتالي ستكون لها منفعة عامة؛ لأن قطعة الأرض قد تتحول الى منزل (فيلا أو عمارة) أو محل تجاري وكلها مشاريع ذات قيمة مضافة.
وأشاروا إلى أن الأمر ينطوي على عدة إشكاليات، تتمثل في عملية التطبيق، ومنها: هل سينفذ القرار في الأراضي المطوّرة (المخدومة، والمرخّصة، والجاهزة للبناء) بغية نقلها إلى وضع آخر يخدم المواطنينن؟، أم في الأراضي غير المطوّرة (الفضاء وغير المرخصة، وغير المخدومة، أو ناقصة الخدمات) من أجل نقلها إلى واقع آخر؟.
وإن هناك إشكالية أخرى تتمثل في أن الأراضي مختلفة الأسعار، والرسوم سوف تفرض على سعر المتر، فكيف يتم تقييم الأراضي، وما آلية التقييم؟.
وبالنظر إلى الهدف الذي من أجله جاء القرار وهو خفض أسعار الأراضي، هل فرض الرسوم يحقق هذا الغرض؟ خاصة إذا علمنا أن الاسعار تنخفض لعوامل أخرى -تضاف إلى زيادة العرض- منها الموقع والمساحة وأسعار الجوار وغير ذلك؟
وتساءلوا عن الصورة التي يمكن أن يكون عليها سوق العقار حال تطبيق القرار؟ وماذا يعني للمطورين العقاريين مثل هذا القرار؟ خاصة أن كل التوقعات تشير إلى أن واقعا جديدا سوف يكون.