تكلمت في المقالات الثلاث السابقة عن وضع العقار ومدى تأثره بجائحة «كورونا»، وطوال تلك الفترة وأنا أتابع ما يُكتب في الصحف، وكذلك تعليقات القرّاء وتصريحات بعض أعضاء مجلس الأمة ومشاريع متعلقة بقوانين لتعليق بعض بنود قانون الإيجار، ومطالبات المستأجرين بتخفيض الإيجار أو عدم الدفع، ومنهم وللأسف من ينظر لمالك العقار وكأنه مصاص للدماء، أو كأنه متعد على مال يتيم أو فقير وقد يكون غائباً عن الكثير حقائق ومعاناة يتحملها صاحب العقار، وأبدأ بالحقوق، فملكية العقار لا تختلف عن ملكية أي موجودات أو منقولات، وعلشان أوضّح أكثر لو واحد عنده سيارة وجاره ما عنده، ويروح الدوام مشي، هل لهذا الجار الحق أن يفرض على صاحب السيارة أن يوصله معاه غصبا عليه أو يروح يطلع قانون يفرض على صاحب السيارة أنه يركّب جيرانه؟ كذلك الحال إذا في واحد مستأجر مطعم هل لصاحب العقار أن يفرض على المستأجر أن يعطيه وجبة بدون مقابل أو بسعر مخفض؟
أكيد لا، وبمعنى آخر مالك العقار حاله حال أي تاجر آخر يحط حلاله باستثمار ويأمل الرزق من الله، وللعلم أن صاحب العقار ربحه أقل بكثير من بقية التجار اللّي هم مستأجرين عنده، وخلّوني أقول لكم شلون، أولاً العقار يتطلب رأس مال كبير واقتراضاً أكبر، فمعدل العائد لا يزيد على %7 وبعد ما تشيل مصاريف الحراسة والصيانة ونسبة الشاغر.
فالنسبة تصل من %4 – %5، وهذا غير اذا عليه دين وفوائد، بينما عروض التجارة يكون فيها معدل نسبة الربح لا يقل عن %20، وإذا كان العقار تجاري زادت مصاريفه، فالمولات الكبيرة مصاريف الصيانة والحراسة والرواتب فيها تصل إلى أكثر من %20 من العائد، وهذي حقيقة تغيب عن كثير من الناس، فالمستأجرون اللّي قاعدين يطالبون بإعفاء من دفع الإيجار خلال فترة توقف الأعمال ما يتساءلون عن حال محلاتهم في المولات! من المسؤول عن حراستهم؟ واللّي ساكن بشقة لو اخترب المكيف أو المصعد منو المسؤول عن إصلاحهم؟ والحارس اللّي يساعدكم ويعتني بالمبنى ويحرسه منو اللّي يدفع راتبه؟ أليس هو المالك، زين إذا أنتم ما تبون تدفعون الايجارات المستحقة عليكم فكيف للمالك توفير تلك الخدمات، وأيضا كثير من العائلات الكويتية مدخولها يعتمد على هذا الايراد وتلاقي بعضهم ورثة وعلى قدهم، فالقصد ليس كل عقار هو مملوك لشركة مليئة او لثري، وتلك حقيقة اخرى!
وللعلم بناء عقار شغلة ما هي سهلة وتأخذ سنوات من المعاناة، من بداية شراء الأرض وإعداد المخططات وترخيصها وتنفيذ المشروع، وفوق هذا وذاك ملّاك العقارات معظمهم أخذوا المبادرة من أول الأزمة بتخفيض الإيجار أو التنازل، وذلك من باب التكافل والإحسان، بينما ما سمعنا أحد تنازل للملّاك عما لهم من حقوق تجاههم، وحتى البنوك كل الذي قدموه فقط تأجيل وليس تنازل او تخفيض لدين، وبمقال قادم سوف اتكلم عن تجارب دول وشعوب اضاعوا الملكيات فأضحوا بلا مسكن.