مواطنان من أعضاء هيئة التدريس، يحملان مؤهلاتٍ متطابقة؛ وعند التحاقهما بالوظيفة كان الحَظُّ سَنِيْدًا وباسِمًا لأحدهما، حيث كان تعيينه بجامعة تمتلك مدينة سكنيَّة؛ وما هي إلاَّ أيام، وتُخَصِّصُ له فِلَّة فاخرة مؤثَّثَة بأجرٍ رمزيٍّ!
أمَّا رفيقُ دربه، فقد قاده نصيبه العاثر ليكون في جامعة لا سَكن لمنسوبيها، ولا بَدل عنه؛ ليذهب بعدها رُبْعُ راتبه -أو يزيد- قيمةً لإيجار شقَّته الصغيرة!
(معادلة عجيبة)؛ فكيف لِمُوَظَّفَيْنِ يعملان تحت مظلَّة وزارة واحدة، ويقومان بالواجبات ذاتها، وتحكمهما الأنظمة، والمخصَّصات نفسها، أحدهما في نعمةٍ ندعو الله أن تدوم، والثاني -دون ذنب- منها مَحروم؟.
أمَّا الأكثر غرابةً في هذا الميدان، أن جميع الجامعات -دون استثناء- تضمن لـ(عضو هيئة التدريس الوَافِد) سَكَنًا، أو مبلغًا مقطوعًا؛ عوضًا عنه، وفق ما تفرضه شروط التعاقد معه.
لِتَحْضر بالتالي صورة مقلوبة؛ فالمواطن في بلده يدفع الإيجار، وزميله الوافِد العزيز ساكن بالمجان!
يُضاف لها بَدل تأثيث، وتذاكر سفر سنويَّة.
صورة تخالف العقل والمنطق، رسمتها أنظمة قديمة للخدمة المدنيَّة، يبدو أنَّ مَن وضعها مُشَرِّع أجنبي -قبل أن تكتسب وزارتنا الخِبرات في صناعة القوانين-، حيث بحثَ عن مصالحه وأقرانه، وفي السَّكَن افترضَ أنَّ جمع المواطنين يمتلكون سكنًا؛ فحاول مساواة المُتعاقِد بهم).
تلك الصورة توقَّعتُ تغييرها لصالح ابن الوطن، ولكن النظام الجديد لـ(استئجار الدولة للعقار وإخلائه)، والذي نشرته (صحيفة المدينة) قبل أسبوعين، كَرَّس لتلك الصورة؛ بمنعِه الجهات الحكومية من استئجار مساكن لمنسوبيها.. مؤكِّدًا في الوقت نفسه على جواز الاستئجار للجنسيَّات الأجنبيَّة مثل: الأطباء، والفنيين الصحيين، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وفقًا لعقود العمل المبرمة معهم.
وهنا يا وزارتي التعليم، والخدمة المدنيَّة: لسان حال المحروم من أعضاء هيئة التدريس من السَّكَن، أو مخصَّصاته، وهو يرى قَرينه الوافد يحظى بأحدهما: لا أحسده، ولكنِّي أغبطه، وأرجو مساواتي به.