عقار

عبدالله دحلان: قطاع المقاولات إلى أين؟

عبدالله صادق دحلان

في الشهر الماضي، اطلعت على بعض التحليلات الاقتصادية من بعض البنوك السعودية وقد تكون هذه البنوك تستهدف شريحة من عملائها، ومن حق أي بنك أن يساهم في تثقيف عملائه اقتصادياً أو يساهم برأيه في مستقبل اقتصاد الوطن، وكنت أتمنى على أصحاب هذه التحليلات الاقتصادية أن يقدموا لنا تصوراتهم للحلول ولا يكتفوا بالتخويف والتهويل والإحباط لرجال الأعمال وللمواطنين، ولن أتعرض للتحليل الاقتصادي لجميع القطاعات. ولكنني سأكتفي اليوم بقطاع المقاولات العقارية والخدمية الذي أنفقت الدولة على مشاريعه في السنوات العشر الماضية حوالى أربعة تريليونات ريال، وبعد تجميد بعض المشاريع الحكومية مؤخراً تقديراً للظرف الاقتصادي العالمي والمحلي، وهو أمر لا لوم على صاحب القرار فيه لأن الأولويات تحتم إعادة هيكلة المشاريع بما يحقق المصلحة العامة ونتيجة تجميد بعض المشاريع، ظهرت بعض السلبيات ليس على قطاع المقاولات فقط وإنما على جميع القطاعات المرتبطة بقطاع البناء. ولقد توقفت عند بعض الإحصائيات المتعلقة بقطاع المقاولات منها عدد شركات المقاولات العاملة في قطاع الإنشاء والتشييد في المملكة، إذ وصل العدد إلى حوالى 243 الف شركة ومؤسسة منها 173 ألف شركة ومؤسسة صغيرة جداً و54 ألف شركة صغيرة و14 ألف شركة متوسطة وألف شركة كبيرة و242 شركة عملاقة، ويعمل بهذا القطاع حوالى 4.5 مليون عامل في مجال البناء وتعاني 40% من شركات المقاولات من تعثر مشاريعها وبالتالي تأخر الصرف على رواتب العمال وهذا ما لوحظ في الآونة الأخيرة، ويصعب إلقاء اللوم على شركات المقاولات فقط التي استنفدت تسهيلاتها المالية، ومع ظاهرة تعثر شركات المقاولات في تنفيذ المشاريع تقدر نسبة تعثر المشاريع نتيجة الخلاف على الجودة والمواصفات الفنية حوالى 70% ونسبة تعثر المؤسسات الصغيرة بسبب الأزمات المالية وعدم الصرف لحقوق العمال والموردين وعدم جدولة المستخلصات بالإضافة إلى عدم تعاون البنوك في التمويل وصلت النسبة إلى 90%.

ومن أكثر المعلومات التي لفتت الاهتمام هي المعلومة المنشورة على الموقع الرسمي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تنص «أن من أسباب تعثر المقاولات وجود شبهة للفساد والمحسوبية وعدم المتابعة لما يتم تنفيذه، حيث بلغ عدد المشاريع التي تمت مراجعتها منذ إنشاء الهيئة 1526 مشروعاً وبلغت نسبة المتعثر والمتأخر منها 44% بعدد 672 مشروعا، علماً أن قطاع المقاولات يمثل نسبة ستة إلى سبعة في المائة من إجمالي الناتج المحلي السعودي ويبلغ حجم هذه الصناعة ما بين 300 إلى 350 مليار ريال ويعمل بها 300 الف مواطن سعودي منهم 35 الف مهندس سعودي».

والحقيقة في وجهة نظري أن من أهم أسباب تعثر قطاع المقاولات في المملكة هو اعتماده بشكل رئيسي على مشاريع الدولة؛ سواء كمقاول رئيسي أو مقاولين من الباطن، وإن العديد من الصناعات المرتبطة بالبناء مثل صناعة الأسمنت والحديد والخزف والكهرباء وغيرها اعتمدت في خطط توسعها على مشاريع الدولة المستقبلية حسب الخطط الخمسية ولم يحسب المخططون لهم حساب الأزمات الاقتصادية، وهو خطأ يقع فيه كثير من المخططين الاقتصاديين، وبرغم حالة الكساد الذي تعيشه شركات المقاولات إلا أنه ما زال هناك مشاريع تمت ترسيتها بهذا العام من فوائض إيرادات الميزانيات السابقة تقدر بحوالى 2650 مشروعا بلغت تكلفتها حوالى 18 مليار ريال، وكما صرح عميد المقاولين في غرفة الرياض الاستاذ فهد الحمادي أن عقود المشاريع القائمة حالياً قادرة على دفع عجلة تشغيل قطاع الإنشاءات لمدة ثلاث سنوات قادمة إذا تعاونت الشركات مع بعضها. وفي رأيي الشخصي لمعالجة قضية تعثر مؤسسات المقاولات الصغيرة والمتوسطة، إعادة هيكلتها وتنظيم نشاطها وإنشاء تحالفات متخصصة في مجالات المقاولات والإنشاء والخدمات استعداداً لتكليفها بأعمال مشاريع وزارة الإسكان القادمة التي تم ترسيتها على شركات صينية وكورية وهندية وتركية ومصرية، ولا أتوقع أن وزارة الإسكان تكلف شركات مقاولات عالمية لتنفيذ مشاريع إسكان في المملكة بمئات البلايين وتأتي هذه الشركات العالمية بعمالتها ومقاوليها من الباطن ومواد البناء من بلادها؟. ولخدمة قطاع الإنشاء السعودي الصغير والمتوسط وإكسابه الخبرة والمعرفة وإنقاذه من الإفلاس وإنقاذ عمالته السعودية والأجنبية المتاحة في السوق. أرى ضرورة تضمين عقود الشركات الأجنبية تشغيل مؤسسات المقاولات الصغيرة والمتوسطة السعودية ببعض من الأعمال وتحت إشرافهم. أما البديل الآخر لقطاع المقاولات المتوسطة والصغيرة هو التوجه للبناء والتشييد في قطاع الإسكان الخاص للأفراد والمؤسسات والشركات ولكن هذا القطاع يعتبر شبه مجمد أو يسير سير السلحفاة نظراً لتعقيدات الحصول على رخص البناء من أمانات المدن والبلديات، وفي وجهة نظري أن بعض الأمانات والبلديات وراء جمود وبطء حركة قطاع المقاولات؛ نظراً لتأخر إصدار تراخيص البناء التي تستغرق أحياناً ستة أشهر إلى عام، رغم ميكنة العمل في بعض البلديات وهي حقيقة أتمنى على أمناء المدن غير المقتنعين بهذا أن يمارسوا التجربة بأنفسهم ليتعرفوا على المشكلة وأسبابها ويضعوا الحلول.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 18 سبتمبر 2016 10:08 ص

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020