عقار

عاصم العيسى: مستخلصات المقاولين واستيفاء البنوك لمديونياتها

عاصم العيسى

انتظر المقاولون ببالغ الصبر فترة عصيبة لصرف مستخلصاتهم، بانتظار دفع التزامات المشاريع والتنفيذ والعمالة والموردين، وتحقق صرف وزارة المالية لدفعات من مستحقات المقاولين؛ ثم جاءت الأخبار أن البنوك قضمت غالبية هذه المستخلصات (90%) أو أكثر وفاءً لمديونياتها.

وبين منتقد لذلك على اعتبار أن المقاولين في ضرر وعليهم التزامات للموردين والعمالة ونحو ذلك، وأن الدورة التجارية تتطلب إبقاء جميع الأطراف أقوياء, ليُقوِي كلٌ الآخر، فيفي الجميعُ حقَ الجميع، وأن إضعاف المقاولين فيه إضعاف للبنوك أيضاً، حيث لا بنوك بلا اقتصاد قوي، وأنه لا يجوز أن تتحمل شركات المقاولات تبعة جميع الأضرار الناتجة عن تأخر صرف المستخلصات من المالية إلى غير ذلك مما تراه بحرقة شركات المقاولين.

وفي الجانب الآخر يرى البعض أن البنوك إنما تستوفي حقوقها، تنفيذاً للعقود الموقعة بين الطرفين؛ وأنها باستحصالها وفاءَ مديونياتها هي مُتقيدة بالعقود, والتي هي شريعة المتعاقدين، وأنها أيضاً شركات مساهمة لها مصالحها كما للتجار مصالحهم.

وليسمح لي القارئ الكريم المشاركة بالملحوظات والتوصيات التالية:

أولاً: إن بنوكنا تفتقد إلى السياسة الائتمانية المدروسة بعمق القابلة للتجديد والتأمل لتواكب متغيرات الحركة التجارية والاقتصادية داخلياً وخارجياً. وآن الأوان لتوجه الدولة مشكورة المعنيين بالأمر لرسم سياسة ائتمانية تفي بالمرحلة من ذلك:

أين تُوجه بنوكنا سيولتها وعقود ائتمانها هل لتمويل شراء السيارات والسفر والاستهلاك؟ أم لتمويل المصانع والشركات أم لدعم التصدير أم لمشاريع الإسكان؟ أم لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ أم للمضاربة بالأسهم؟

ونحو ذلك. وشكوى السوق في كثير من هذه القطاعات مُتكررة أن البنوك غير داعمة لها، ولعل مما يُستغرب له أن القروض إنما يقودها ويرسم سياستها: ربحية البنوك! فقط دون اعتبار إلى أيٍ من المعايير الوطنية والاقتصادية الأخرى كدعم الاقتصاد والتجار والتصدير والتوظيف، وحماية التجار ودعمهم وبقاء استمراريتهم.

ولا يخفى أن حجم القروض ارتفعت في المملكة (660%) خلال (19) عاماً الأخيرة، وأن حجم القروض الاستهلاكية بنهاية الربع الأول لعام 2016م بلغت (344,7) مليار ريال، مما يعني أن الشعب الكريم بفضل تسويق البنوك والسعي للربحية السريعة فقط؛ أصبح شعبا مدينا!! ولا ندري أين حجم مشاركة البنوك في دعم بناء الصناعة والتجارة والاستثمار؟!

ثانياً: أهمية أن تكون المنظومة مُكتملة؛ بحيث لا يجوز أن يكون الحال: عدم وفاء التاجر والمقاول مستحقاته، وفي المقابل مطالبة البنك للتاجر بالوفاء أو التنفيذ.

وقد عملتُ في لجنة المنازعات المصرفية سنوات – في زمن الدكتور محمد حسن الجبر رحمه الله رحمة واسعة – وكان من مبادئ اللجنة في العشرات من القرارات تقدير ظرف المقاول والتاجر، وبالذات عندما تأخرت المالية في الصرف في الأعوام 1996م، وما حولها، فقسّطت وأمهلت التجار في السداد للبنوك.

ثالثاً: أهمية المشاركة الفعلية بين التاجر والبنك، فالكل أركان البلد، وأعمدة اقتصاده هذه الشراكة تقتضي السماح للجميع بالربح والاستمرار, إذ عندما يستحصل البنك ماله دون التفكير بظروف المقاول، وحاله خَسِر أم ربح؟ فإن المآل هو خسارة المقاول، وتأثر البنك تبعاً والاقتصاد عموماً.

إن ذلك يقتضي إحياء روح الشراكة والمسؤولية المشتركة بين البنوك والتجار ووزارة المالية، وأن نعترف أن هناك مشكلة في قطاع المقاولات، والاقتراض، وتدفقات وزارة المالية لسداد المشاريع، وبالتالي إقرار كل طرف بمسؤوليته لا أن يتبارى كل طرف في أن يدفع المسؤولية عن نفسه! ولتكن وزارة المالية هي المبادرة بالاعتراف ثم البنوك ثم التجار!

رابعاً: إحياء ثقافة التمويل:

متى نقترض؟ ولأي غرض: للاستثمار؟ أم للاستهلاك؟ للضرورات؟ أم للكماليات؟ وكم نسبة التمويل والاقتراض المسموح بها لقاء تنفيذ أي مشروع؟ ما هي الضمانات: أهي ضمانات المشروع أم ضمانات المقترض؟ وكما ذكرتُ فقد أتاح لي عملي السابق الاطلاع على مآسي تحول التجار إلى مُفلسين, والأثرياء إلى مُتسولين!

خامساً: أهمية صياغة العقود بين البنوك وعملائها: بحيث تكون متوازنة عادلة، وهو ما يحتاج إلى كتاب مستقل، والله من وراء القصد.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 4 ديسمبر 2016 8:50 ص

نشر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020