ھذه واقعة حقیقیة، أسردھا لكم كما رأتھا عیناي، وھي لیست من نسج الخیال، ولا من أضغاث الأحلام، مواطن ذو دخل محدود وراتب مھدود، وبما َورث ھو وزوجتُه، وبما اقترضه من الناس، وبما ا ّدخره خلال٣٠ سنة من الوظیفة، وبواسطة بنك أقرضه قر ًضا طویل الأجل، وعظیم العمولة، و ُمرھق التسدید، اشترى فیّلا صغیرة بملیون ونصف الملیون ریال بعد أن عاینھا البنك وأقر بصلاحیتھا للقرض.
ثّم أناخ المواطن رحله بھا، وفرح كما تفرح العروس، لكن جاءت العروس تفرح ما لقت مطرح، إذ ما ھي إّلا أسابیع حتى طفحت مطابخ الفیّلا وحماماتھا بمیاه المجاري، فظن أن ھناك سددًا في مواسیرھا، فسلّكها منالداخل، لكن المشكلة استمرت، لیُفاجأ أن الفیّلا لا تُوجد لھا بيارة في الخارج، بالطبع في ظل انعدام نظام الصرف الصحي، وھذا غش من المقاول، بل أّم الغش وفصیلته التي تؤویة، ولا بُد من إزالة بلاط الفناء، وبناء بیّارة للاستفادة من الفيلا.
وھكذا غش لم یصنعه المقاول وحده، الذي ھو من الوافدین، وقد یكون الآن في بلاده ُمستمتعًا بما ربحه من
مال حرام، بل صنعتة معه تسعطعشر جھة أخرى، مثل بنوكنا التي لا تھتم بفحص المساكن محلالقروض قدر اھتمامھا بأرباحھا، ومثل الأمانة وشركة المیاه اللتْین لا تكترثا بما یجري خارج المساكن إّلا
إذا كان یدر علیھما غرامات مالیة، ومثل وزارة التجارة التي عجزت عن ضبط المقاولین الوافدین والتستّرة وعدم جاذبیة منتجاتھا ما لجأ المواطنون لغیرھا، ومثل وزارة الإسكان التي لولا قلة وعدم جاذبية منتجاتها ما لجأ المواطنون لغیرھا، ومثل، ومثل «أحكیلكم مین وأسیبلكم مین؟»، وحتّى المواطنون الذین یدفعون الملایین لبناء مساكنھم، ویستخسرون دفع بضع آلاف لمھندس استشاري یُجنّبهم الغش بخبرته هم صناع للغش لكنهم صغير بينما الصناع الباقون كبار كبار، ولا يهمهم أخد فهل إلى حل من سبيل؟