الاقسام: عقار

صناديق الائتمان العقارية .. ومشاكل الاستثمار

م. عبد الحميد ذياب الذياب

انضم برج الإمباير ستيت الشهير في نيويورك إلى قائمة العقارات التي تمتلكها صناديق الائتمان العقارية في أمريكا. لم يعد البرج الشهير وكثير من العقارات التجارية في الولايات المتحدة مملوكة من قبل أفراد معدودين فقط لأنهم يملكون ثروات هائلة تمكنهم من شراء هذا النوع من العقارات الفاخرة. بضعة آلاف من الدولارات أصبحت كافية لأي شخص ليتملك حصة في عقارات مميزة وذات عوائد سنوية مجزية.

الفكرة الأساسية التي قامت صناديق الائتمان العقارية عليها أو ما يعرف بـReal Estate Investment Trust REIT، هي توفير قنوات استثمار جديدة لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، وذلك عبر الاستثمار في صناديق عقارية “شركات”، حيث تقوم تلك الصناديق بشراء عقارات تجارية قائمة (مبان مكتبية، عمائر سكنية تأجيرية، أسواق..)، ويتم توزيع العوائد السنوية من هذه الأصول على المساهمين في هذا الصندوق العقاري. لا تقوم هذه الصناديق بشراء أراض خام أو مضاربة أو تطوير عقاري أو شراء وحدات سكنية كما هو الحال في الصناديق العقارية الموجودة الآن في السعودية، التي يكون للصندوق مدة زمنية محددة “(3 إلى 5 سنوات)، ويتم إقفاله بعد توزيع الأرباح. صناديق الائتمان العقارية موضع النقاش عبارة عن شركات “قد تكون مدرجة في سوق الأسهم أو لا تكون” يتملك فيها المستثمر عبر شراء أسهم، ويكون الهدف ومجال العمل الرئيس والوحيد لهذه الصناديق هو تملك وإدارة عقارات “تجارية قائمة” ذات عائد سنوي مجز للملاك، وصرف لا يقل عن 90 في المائة من عوائد التأجير السنوية “يعتبر شرطا أساسيا وملزما في الولايات المتحدة للملاك حملة الأسهم”.

مع التضخم الرهيب في أسعار العقارات التجارية في المملكة، أصبح بعيد المنال لكثير من أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة تملك عقار تجاري “عمارة أو معارض” تدر دخلا سنويا. 100 ألف ريال أو 200 ألف أو حتى مليون ريال لا تكفي لشراء أرض تجارية في الرياض ــ على سبيل المثال ــ وبنائها. في ضوء ذلك، ماذا لو كانت لديك فرصة لأن تتملك حصة “مشاعة” في برج الفيصلية في الرياض أو برج الساعة في مكة المكرمة مثلا؟ هذا بالضبط هو دور صناديق الائتمان العقارية، حيث يتمكن أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة من تملك حصص في صناديق عقارية ذات رؤوس أموال ضخمة تملك مشاريع تجارية مميزة ذات عوائد سنوية تأجيرية.

كانت بداية هذا النوع من الصناديق عام 1960 في أمريكا. الآن وبعد نحو 55 سنة تواجد هذه الأداة الاستثمارية في 25 دولة حول العالم “ليس منها المملكة”. خلال الفترة من 1978 حتى 2010 حققت هذه الصناديق في أمريكا “من إيجارات العقارات التي تمتلكها” متوسط عوائد سنوية بلغ 12.3 في المائة، وهو عائد شديد الجاذبية. من أكثر ما يميز هذا النوع من الاستثمار هو سهولة تسييل الأموال إلى حد كبير ــ وهو أمر يفتقده الاستثمار العقاري التقليدي. فالمستثمر في هذه الصناديق يستطيع بيع أسهمه واستعادة رأس ماله سريعا، بينما المالك لأي مشروع عقاري لا يستطيع تسييل العقار إلا بعد بيع الأصل، وعادة ما يستغرق ذلك وقتا ليس بالقصير. إضافة إلى ذلك فإن الاستثمار المباشر في شراء الأراضي وتطويرها عملية معقدة ولا يقدر على متابعة تفاصيلها كثير من الناس. لذلك، من أهم ما يميز الاستثمار في صناديق الائتمان العقارية أنها تمكن أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة من الاستثمار في العقار والحصول على عوائد سنوية دون الانخراط في تفاصيل شراء المشروع وأعمال التنفيذ أو أعمال متابعة المستأجرين وتحصيل الإيجارات بعد التنفيذ.

تستحوذ صناديق الائتمان العقارية الأمريكية على 20 في المائة من الأبراج والمباني المكتبية في جزيرة مانهاتن “الأكثر غلاء وشهرة” في نيويورك. وتملك هذه الصناديق عقارات في الولايات المتحدة تتجاوز قيمتها 640 مليار دولار (2.4 تريليون ريال) وهي بذلك تشكل إحدى أدوات الاستثمار المهمة للمواطنين الأمريكي والأجنبي. إلى جانب ذلك، فإن هذه الصناديق تعد “صانع للسوق العقاري” بامتلاكها سيولة هائلة قادرة على استيعاب مشاريع عملاقة، وهو ما يحفز المطورين العقاريين على تطوير مشاريع كبيرة.

لذلك تبدو الحاجة ضرورية إلى إطلاق هذا النوع من الصناديق العقارية في المملكة “لائحة صناديق الاستثمار العقارية الصادرة من هيئة سوق المال السعودية لا تمنع قيام هذا النوع من الشركات”، حتى يتمكن الكثير من تنويع الاستثمار لمدخراتهم وعدم حصرها في شركات الأسهم أو الاستثمار العقاري المباشر (التطوير). إلى فترة زمنية قريبة، كانت المساهمات العقارية على المخططات البيضاء تلعب هذا الدور لأصحاب رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة ولكنها “انقرضت” إلى حد كبير بسبب ضعف التنظيم والتلاعب وعدم وجود أنظمة. كما أن وجود صناديق الائتمان العقارية كقناة استثمارية سيسهم في الحد من المضاربات العقارية عبر توفير بديل استثماري لأصحاب رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة، وبالتالي كبح جماح تضخم الأسعار الوهمي، خاصة على الأراضي والمخططات البيضاء على أطراف المدن. وعبر توجيه مدخرات الأفراد إلى شراء عقارات ذات قيمة مضافة حقيقية وعوائد سنوية تكون الدولة قد قطعت الطريق على سبب رئيس من أسباب تضخم أسعار الأراضي البيضاء، حيث شكلت لعقود طويلة القناة الاستثمارية الوحيدة لكثير من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة الذين لم يكن أمامهم إلا تحويل مدخراتهم إلى أراض في مخططات لم تصلها أي خدمات.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 12 أغسطس 2014 9:58 م

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020