الاقسام: عقار

شخصية وزارة الإسكان

مشاري بن عبدالله النعيم

هل بالضرورة أن تتبنى وزارة الإسكان مع وزيرها الجديد شخصية وهوية مختلفة؟ بالنسبة لي أعتقد أن هذه الوزارة لم تستطع أن تحقق فكرة “المؤسسة” المؤثرة والمتفاعلة مع الناس، أقول هذا الكلام وأنا أراقب أداء هذه الوزارة المهمة التي ترتبط بمفهوم الاستقرار الاجتماعي ويفترض أن تقدم حلولاً تحقق هذا الاستقرار. لم يعد هناك وقت لتضيعه هذه المؤسسة فقد مرت سنوات وهي تضع إستراتيجيات ثم تعود لتنقضها وتتبنى غيرها دون أن يكون لها منتج واضح والمشكلة التي كان يفترض أن تضع لها حلولاً تفاقمت وتعقدت دون أن يكون هناك

بشكل عام هناك ثلاثة نطاقات أساسية تحدد عمل الإسكان، وبالتالي تحدد سمات الشخصية التي يجب أن تظهر بها الوزارة، أول تلك النطاقات هي «التنمية والتطوير» وأقصد هنا أن وزارة الإسكان يجب أن تكون مؤسسة للتنمية والتطوير وليس فقط للإنفاق..

خطوات واضحة يراها الناس. المشكلة الأخرى والتي لا تقل أهمية هي أن هذه الوزارة فوتت فرصة الوفر المالي في السنوات الفائتة الأمر الذي سيزيد من حجم المسؤولية الملقاة عليها وقد يفاقم الصعوبات التي ستواجهها، لذلك يفترض الآن أن تقدم حلولاً اقتصادية بمشاركة مجتمعية وتفتح نطاق التنمية العمرانية من خلال توظيف الموارد المالية والبشرية المتاحة.

على أن السؤال المهم هو لماذا يجب أن تكون هناك شخصية جديدة لهذه الوزارة وماهي مقومات هذه الشخصية؟ وهل الوقت مناسب لهذا الطرح وما هي الفائدة المرجوة من بناء هذه الشخصية. من المعروف أن كل مؤسسة ناجحة ومتجذرة في العمل الاجتماعي تستطيع أن تنقل قيمها للمجتمع بهدوء عبر العمل المباشر مع أفراد المجتمع، على أنه من الضروري أن تكون هذه المؤسسة على وعي كامل بهذه القيم، إذا كانت موجودة أصلاً. شخصياً، حاولت أن أفهم قيم وزارة الإسكان الحالية وماذا تريد أن توصل للمجتمع فلم أستطع أبداً التوصل لشيء، لذلك يجب أن تقوم الشخصية الجديدة للوزارة على بناء هذه القيم وأن تتشكل فلسفة العمل فيها على نقل هذه القيم للمجتمع.

بشكل عام هناك ثلاثة نطاقات أساسية تحدد عمل الإسكان، وبالتالي تحدد سمات الشخصية التي يجب أن تظهر بها الوزارة، أول تلك النطاقات هي “التنمية والتطوير” وأقصد هنا أن وزارة الإسكان يجب أن تكون مؤسسة للتنمية والتطوير وليس فقط للإنفاق. مفهوم التطوير العقاري والتنمية العمرانية مرتبط أساساً بتوفر الأراضي وبالمقدرة المالية على تطويرها، لكنني مازلت أرى أن المشاركة الاجتماعية مسألة مهمة جداً في عملية التنمية والتطوير أي أن الوزارة ممكن أن تقدم الأراضي، والمستفيدون يتحملون تكلفة التطوير في سبيل تملك هذه الأراضي وقد قمت بعمل تصور سريع لو أننا أردنا تطوير مليار متر مربع في جميع مناطق المملكة وجعلنا النسبة التخطيطية 50% لحصلنا على مليون قطعة أرض مساحة كل منها 500متر مربع يتحمل المواطن تكلفة التطوير لتصبح قيمة الأرض 120 ألف ريال نحصل من خلالها على أحياء سكنية راقية ومكتملة الخدمات ولا تتحمل خزينة الدولة إلا الأرض الحكومية الخام التي ستمنحها للمواطنين.

التنمية من خلال المشاركة وتوظيف الموارد هي القيمة التي تصنع التنمية المتوازنة والممكنة، وهذا هو الهدف. يجب أن تقدم وزارة الإسكان نفسها للجمهور المجتمعي المستفيد منها على أنها شريك في التنمية وليست مؤسسة لتقديم منتجات مجانية دون شروط أو مشاركة. دعوني أقول إن بناء الوعي التنموي هو جزء من العمل الكبير الذي يمكن أن تحققه الوزارة فهي ستقدم منتجات لكن سيكون أفراد المجتمع شاركوا في صنعها. في حقيقة الأمر لا يوجد تنمية من طرف واحد، أي أن وزارة الإسكان لا تستطيع أن تعزل نفسها عن المجتمع وتعمل منفردة لتحقق ما يريده هذا المجتمع من استقرار. قد يقول البعض إن بعض المواطنين لا يستطيع المشاركة، سأقول لهؤلاء كم نسبتهم من عدد المستفيدين الكلي وأنا على يقين أن هناك أساليب متعددة للمشاركة المجتمعية في التنمية السكنية.

النطاق الثاني الذي يحدد شخصية هذه المؤسسة هو البعد المجتمعي، أي الشخصية المجتمعية للوزارة وهي ترتكز على محددات كثيرة أهمها ثلاثة محددات هي: التنوع، أي أن الأحياء السكنية والوحدات السكنية يجب أن تكون متنوعة حسب الخصوصية الجغرافية والتنوع الثقافي الذي تتميز بها مناطق المملكة المختلفة، وهذه مسألة أساسية في نجاح أي منتج سكني، مع أنني لا أشجع أبداً أن تقوم الوزارة بتصميم وبناء المساكن ولكن يجب أن تقوم بتخطيط وتطوير الأحياء السكنية. المحدد الثاني: المرونة، والمقصود هنا هو تتبع دورة حياة الأسرة من النمو والتمدد إلى التقلص والانكماش وتشجيع الأسرة على تبني تصاميم سكنية مرنة قابلة للتمدد والتقسيم المستقبلي. كما أن أحد أهم عناصر المرونة هو إتاحة الفرصة للأسر لبناء أحياء سكنية متناغمة، أي أن توزيع الأراضي يجب أن يعتمد على فكرة “الفريج” أو “الحارة” بحيث يكون هناك تجمع للأقارب على شكل خلايا سكنية داخل الحي السكني. التناغم وبناء أحياء منسجمة اجتماعياً هو المحدد الثالث للشخصية المجتمعية للوزارة وهذا يمكن أن يتحقق من تطبيق مبدأ الشفعة أثناء توزيع الأراضي وليس بنظام القرعة الذي يصنع أحياء غير متجانسة.

النطاق الثالث هو “الشخصية العمرانية”، فبعد الكلام السابق تبقى وزارة الإسكان أحد أهم المؤسسات الوطنية التي يمكن أن تساهم في بناء الشخصية العمرانية للمملكة، سواء على مستوى تخطيط الأحياء السكنية أو تأكيد الخصوصية الجغرافية المحلية في توجيه العمران أو بناء التناغم الاجتماعي على مستوى المدن والقرى. الدور العمراني الذي يمكن أن تلعبه هذه المؤسسة على المستوى المعماري والتخطيطي عميق جداً ويمكن أن توظف الموارد البشرية الوطنية المتخصصة في تحقيق هذا الهدف. أحد الأفكار التي طرأت لي وأنا أكتب هذا المقال هو: لماذا لا تقوم الوزارة بتحديد نماذج لقطع أراضٍ في كل مناطق المملكة وتجري مسابقة وطنية لتخطيط هذه الأراضي مع التأكيد على الخصوصية “الطبوغرافية” و “الاجتماعية” و “المناخية” مع تبني مجموعة إرشادات وتصاميم مرنة للوحدات السكنية يمكن للمواطنين الاختيار من بينها إذا ما أرادوا.

التفاصيل كثيرة التي يمكن أن تحتويها المجالات الثلاثة لشخصية وزارة الإسكان وقد يقول أحد ما ولماذا لم يذكر المجال الاقتصادي، وأنا أرى شخصيا أن الاقتصاد في مجال الإسكان جزء من التنمية والتطوير، الذي يهتم بالتمويل وبتوظيف كل الموارد التي ستحدث انتعاشاً اقتصادياً على المستوى المحلي. قناعتي الشخصية أن وزارة الإسكان يجب أن تكون شريكة المناطق والمحافظات في التنمية. التصور الذي أراه لموظفي الوزارة هو أنهم مجموعة متناغمة من العمرانيين والاقتصاديين وعلماء الاجتماع والمتخصصين في الخدمة الاجتماعية بحيث يكون هناك فريق بهذا التنوع موجود في كل منطقة يعمل مع الناس على المستوى المحلي ويبني معهم النموذج التنموي الذي يتناسب مع منطقتهم. أعتقد أنه لو استطعنا تحقيق هذه الشخصية ستكون وزارة الإسكان فعلاً مؤسسة متفردة.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 30 أغسطس 2015 12:30 م

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020