سليمان العيدي: قصة الشورى في ربع قرن خدمة للوطن

أھدى إلي الصديق صالح الشويرخ كتابا استھواني عنوانه، واشتقت لأعید ذكريات بدايات الشورى فيالمملكة، والشوط الذي قطعه المجلس خلال ربع قرن منذ صدور الأنظمة الثلاثة للمملكة، في عھد خادم الحرمین الشريفین الملك فھد بن عبدالعزيز -رحمه الله- ومنھا نظام الشورى في 1414 ،وأعلن عن تشكیلته الأولى أو دورته الأولى عام 1414.

مضى المجلس فتیّا برئاسة عدد من الرؤساء من أصحاب الفضیلة، حتى رئاسة الدكتور عبدالله آل الشیخ، الذي قاد المجلس على دورات متعددة، بدأ معه ومع زملائه التوسع في اللجان والأعضاء، وبدأت المرأة بالمشاركة وعطائھا المتدفق، إلى جانب الزملاء أعضاء الشورى.

ويرجع بنا التاريخ إلى 1346 ،عند تأسیس أول مجلس للشورى في عھد الملك عبدالعزيز -علیه رحمة الله- حیث عین نائب الملك مسؤولاً عنه، و8 أعضاء ومستشارين. واستمر عطاء المجلس حتى 1372، لتبدأ مرحلة أخرى في عھد الملوك: سعود وفیصل وخالد وفھد وعبدالله، وحتى عھد ملك الحزم الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لیدخل مجلس الشورى إلى عصر مختلف تسھم فیه المرأة والرجل على سبیل المثال فكرة رفع صندوق التنمیة العقاري الإقراض من 300 ألف إلى 500 ألف ریال، وكذلك على حد سواء في التنمیة وصناعة الأفكار وتقديم المقترحات التي غابت عن بعض المواطنین، ومنھا نسب التمويل في البنك التمويلي وتخفیفھا تخفیفًا على دخل المواطن، ومنھا مسألة الإسكان والبطالة، كلھا أسھم فیھا أعضاء مجلس الشورى، ورفعت توصیاتھا للملك الذي بالتأكید يرى مصلحة وطنه ومواطنیه، بناء على ما رفعه صوت المواطن مجلس الشورى.

وأثناء تصفحي ھذا الكتاب، رأيت منجزات الشورى وقرأت الأنظمة واللوائح واختصاص اللجان، حتى جاء في ذھني أن أستذكر جھود وزارات الدولة وتعاونھا مع الشورى في متابعة المنجزات، والاطلاع على تنفیذ المیزانیات.

وقد حضرت ذات لیلة ملتقى أقیم في الرياض لمؤلف الكتاب صالح الشويرخ، أحد موظفي مجلس الشورى، الذي نقل بأمانته وحسه ما يدور من تفاعل أعضاء وعضوات المجلس مع قضايا المواطنین، والاستماع إلیھا، وحضور الوزراء ومناقشتھم وجھا لوجه، ومناقشة ما يعرف بعرائض المواطنین والاھتمام بھا والرفع بھا إلى اللجان المختصة، كل ھذا نابع من إدارة وعقلیة تدير ھذا المجلس المبارك الذي ھدف الملك ونائبه ولي العھد إلى أن يكون بالفعل صوتا للمواطن، يعالج قضايا المواطنین ويرسم سیاسة الوطن خلال كلمات الملك للمجلس كل بداية دورة شورية، يقطع بھا الوطن سنوات التنمیة لخدمة مناطق المملكة.

أمضینا لیلة في ھذا الملتقى مع أعضاء الشورى، مقدمین أسئلتھم ومداخلاتھم بما خرج به الزائر لھذا يدعى إلیھا بعض أعضاء الشورى بصفة رسمیة دعما لنجاح مثل ھذه اللقاءات التي تخدم مجلس الملتقى بصورة مغايرة عما يدور في ذھن بعض المواطنین، وأصبحت مكاشفة نتمنى أن تتكرر، وأن الشورى ونجاحاته الملموسة، وقد أبرز في ھذه الأمسیة دور المرأة في عطاءاتھا مع الأعضاء لما يخدم التنمیة، مثل لجنة الحج والعمرة والإسكان ولجان الإعلام والشباب والثقافة وغیرھا واللجان المالیة، وكیف يسھر أعضاؤھا على تقديم ما يخدم ھذا الوطن الذي أناطھم به ولي الأمر، ووضع ثقته فیھم؟!

ھذا المجلس يعمل لیل نھار وفق آلیة متبعة دقیقة عبر لجانه ومستشاريه، وعبر مساحة الرأي المطروح تحت قبة الشورى، بحضور نخب من المجتمع، أتاح المجلس لھم حضور ھذه الجلسات والاستماع إلى النقاشات والحوارات التي تدار بفن وبراعة من رئیس المجلس وزملائه والعاملین معه، في جو ودّي أتاحه نظام المجلس لكل أعضائه.

حقًا، اطلعنا في كتاب ربع قرن من عمل الشورى حتى الیوم على مھنیة عالیة يتمیز بھا مجلس الشورى السعودي، بعیدا عن بعض البرلمانات التي تسمع ضجیجھا ولا ترى نتاجھا، لكننا في الشورى نلمس المواطن مزيدا بإذن الله إنجازات تلو الإنجازات، بفضل سیاسة المجلس ونظامه وقیادته. وقبة الشورى في ربع قرن ينتظر منه.

المصدر