سليمان الدليجان: هل نحتاج إلى تغيير قانون البناء؟

بدأ تنظيم الدولة في الخمسينات مع إنشاء إدارات حكومية، منها إدارة الأشغال والمجلس البلدي (الذي امتد تاريخه من الثلاثينات)، ومع توسع الدولة وبدء عملية التثمين أصبحت حاجة الدولة مُلحّة لإصدار قوانين للبلدية، التي تطورت حتى يومنا هذا، وتم تقسيم الدولة إلى مناطق سكنية واستثمارية وتجارية وحرفية وصناعية.. إلخ.

مرت ظروف اقتصادية مختلفة أدت إلى ارتفاع أسعار تكلفة الاستثمار بالعقار، ومع ارتفاع أسعار العقارات زادت تكلفة المنتج الأخير، سواء كانت شقة أو محلاً… إلخ، مما أدى إلى زيادة القيم الإيجارية. وأضحت الحاجة مُلحّة لإعادة النظر في كمية المواد المستخدمة بالبناء من دون الإخلال بشروط السلامة. والسؤال: هل تم تقديم اقتراحات من ذوي الشأن الهندسي، مثل جمعية المهندسين، تعمل على تخفيض تكلفة البناء؟ وهل دُرس ذلك في المجلس البلدي؟

إن العمل على تخفيض كمية الحديد والخشب المستعملة في عملية البناء سيساعد بالتأكيد على تهدئة أسعار الشقق، التي كانت في منطقه مثل حولي لا يزيد إيجارها على 30 ديناراً في منتصف السبعينات، لتصبح بحدود 300 دينار قبل سنتين. والسبب في ذلك ارتفاع تكلفة الأرض، وكذلك كلفة البناء.

أعتقد أن جمعية المهندسين ومن يهمه الأمر معنيون في اقتراح مشاريع تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في تخفيض عملية البناء.

لماذا لم تنجح حملات تخفيض أسعار العقار؟
المقصود هنا الحملات التي نادت خلال السنتين الماضيين بتخفيض أسعار العقار السكني. والأسباب في عدم نجاحها عديدة، منها:

أولاً: لم تعمل هذه الحملات على معالجة الوضع فنياً، بل كان هناك مطالبات دون طرح حلول فنية واقعية.

ثانياً: عدم استمرارية الحملات فقد كانت المناداه متقطعة وغير مستمرة.

ثالثاً: قلة خبرة بعض من يكتب أو يتحدث في الموضوع.

رابعاً: كانت الحملات غير منظمة، فقد يخلط البعض بين العمل على تخفيض أسعار العقار السكني وحلّ المشكلة الإسكانية.

خامساً: عدم واقعية البعض، كأن ينادي برجوع أسعار أراضي جنوب السرة مثلما كانت بالثمانينات (10 آلاف ــ 15 ألف دينار).

أخيراً، علينا معرفة أن معالجة أمر تخفيض أسعار السكن الخاص يقوم على نظرية العرض والطلب، وتوفر سيولة نقدية عالية عند البعض، الذي يشتري رغبةً منه بأسعار أعلى من السوق، يساعد على بقاء الأسعار مرتفعة، كما أن هناك قوانين اقتصادية مطلوب معالجتها وتعديلها. صحيح أن عام 2015 ــ 2016 تأثر بعوامل عديدة، منها انصراف الناس عن الشراء، مما انخفض على إثره التداول %25 لكل سنة، لكن عودة الناس لشراء مختلف أنواع العقارات كانت واضحة عام 2018، مما أسفر عن فرق زيادة بالتداول بين عامي 2017 و2018 بحدود %35.

لماذا يتفاءل البعض ويتشاءم آخرون؟
هناك مثل يقول: ما يمدح السوق إلا من ربح فيه. هذا المثل القديم لم يَعُدْ منطلقاً أو قاعدة للمستثمرين، الدليل أن في عامي 2015 و2016 انخفض العقار السكني والاستثماري بين %10 و%15، ولم يتوقف كثير من المستثمرين عن الشراء لذلك، فإن التفاؤل أو التشاؤم العقاري نسبي، فالذي يريد أن يستثمر أمواله بالعقار لا ينطلق فقط من انصراف مؤقت عن الشراء، والمستثمر الحقيقي ينطلق من معطيات عدة: الثقة بالسوق، ارقام وزارة العدل التي تشير إلى حركة البيع والشراء، أعداد الوافدين في حال الرغبة شراء عقار استثماري، دخل المواطن، الفرص الاستثمارية المتاحة من الدولة… إلخ.

حادثة طريفة
أفهم أن يقوم وسيط عقاري أو مالك حقيقي لعقار بالنصب على مستأجر أو مشتر ثم يهرب بالمال، لكن أن يقوم أحدهم بالادعاء أنه هو مالك لعقار، وذلك لأن الفيلا المعروضة للإيجار مفتوحة 24 ساعة، فيأتي أحدهم ليوهم الآخرين بأنه المالك، ويؤجر فيلا بما يقارب الـ1500 دينار ثم يتوارى عن الأنظار! هذا ما حدث بعدما اتصل بي أحد الأصدقاء القانونيين، يستفسر عن الطريقة المتبعة في المكاتب العقارية حال التأجير.

لعل السبب في ذلك دخول بعض العناصر غير الكويتية في السوق، وتصدير ما لديهم من عدة النصب والاحتيال من بلدانهم، التي تكثر فيها مثل هذه الحالات. لذلك، على المستأجرين أو المشترين التأكد من توفر وثيقة البيت من المالك أو الوسيط حال التأجير أو الشراء.

المصدر