إلى متى يشتكي الناس من الغبن والنصب في عملية شراء العقار؟ هل اللوم يقع على التاجر الذي يعطي إلى المشتري صورة عن العقار المباع غير الواقع، أم أن الخطأ من المشتري الذي لم يلجأ إلى السؤال عن قانونية تملك شقق في المناطق السكنية مثلاً؟ هل نلقي اللوم على الحكومة كما هي عادتنا، مع أن الأمر بين بائع ومشتر وهناك قوانين ومحاكم تحكم حال الخلاف؟
لا شك أن النصب العقاري أخذ أبعاداً كثيرة خلال السنين الماضية. بعض المعارض العقارية وبعض الشركات العقارية والاعلانات العقارية المشوّقة كانت طريقاً ممهداً للنصب على الناس.
ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن بركة البيع تكمن في الصدق وتبيان نوع البضاعة والسعر العادل، وفق ما جاء في الحديث الشريف: «فإن حَدّثا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محق بركة بيعهما» (متفق عليه). لذلك، فإن مدار قضية النصب العقاري في كتمان المعلومة وعدم الصدق في البيع، والموضوع يطول بأمثلة، لكن نتيجة ذلك كانت فقدان كثير من الرجال والنساء تحويشة العمر. والحل، كما كان اقتراحي في السابق، بإنشاء محكمة عقارية تنظر بوجه السرعة وتحكم في الدعاوى؛ حتى لا يخسر الناس أموالهم، مع عدم إغفال دور المنوط بهم إدارة شؤون العقار من جمعيات أهلية أو حكومية في تبيان الأمور القانونية حال شراء العقار المحلي أو الخارجي.
الخلاصة: لن تنتهي قضايا النصب العقاري. فحتى في الدول الأوروبية يشتكي الناس من بعض العروض العقارية الوهمية، لكن الجزاء والعقوبة متشددة. من ناحية أخرى، على الراغبين في الشراء عدم الاستعجال والسؤال عن قانونية التملك وأمور أخرى ذكرتها في مقالات سابقة.
نزاهة التاجر وكرمه
في كل زمان ومكان ينتشر في المجتمعات السيئ والجيد. وفي مجتمع التجار منهم جزل العطاء ومنهم عكس ذلك. أوضحت في مقالات سابقة دور التجار في مساعدة الفقراء في المجتمع، كما ذكرت في ما ذكرت ذلك التاجر – رحمه الله – الذي اتصل بي رغبة منه في شراء 12 بيتاً للعائلات الكويتية المتعففة من حسابه الشخصي، وكان له ذلك. فبارك عز وجلّ في تجارته وماله وأولاده. كنت في زيارة لأحد الدواوين فذكر لي أحد الحضور اسم شخصية مرموقة ومعروفة على مستوى المجتمع، كان قد اشترى من الشخص المحدّث عقاراً سكنياً، ولمّا أتمّ البيع أحسّ التاجر أن سعر العقار أقل من سعر السوق، فما كان منه إلا أن دفع 10 آلاف دينار زيادة للبائع، مما فاجأ البائع من ذلك التصرف الذي لم يكن يتوقعه. عادةً ما يلجأ المشتري إلى تخفيض سعر العقار حتى بعد إتمام البيعة وقبل التوقيع، بينما كان لتصرف هذا التاجر الأثر الكبير في نفس المشتري. هذه الحادثة لا تحدث إلا نادراً، فمن غير المعروف أن يشتري شخص عقاراً ثم يدفع زيادة على السعر المتفق عليه للبائع، حتى لو علم أن السعر أقل من سعر السوق، إلا إذا كان شخصاً يحب أن يبارك له المولى تعالى في ماله. لذلك أدعو التجار إلى ذلك الخُلُق شبه المنعدم في مجتمعنا، وهو عدم بخس قيمة العقار عند الشراء وتبيان سعره للمشتري، وكذلك هذا الأمر منوط بوسطاء العقار، لعلّ الرب عز وجل يبارك في البيع والشراء.
أشارت التقارير العقارية الأخيرة إلى ارتفاع في الربع الأخير من عام 2018 في تداولات السوق إلى أعلى مستوياتها خلال الأعوام الأربعة الأخيرة (2015 – 2018)، إذ تجاوزت قيمة التداولات مليار دينار!
كان للمزادات العقارية، و«السكنية» بالذات، الحصة الأكبر في التأثير على زيادة التداول، كما أن التداول بالقطاع الاستثماري والتجاري ارتفع بشكل يشير إلى زيادة الرغبة في الاستثمار، على الرغم من الأخبار التي تذكر أن المبالغ المودعة في البنوك للقطاع الخارجي تبلغ 36 مليار دينار.