سعود جليدان: أغلى مدن العالم في الإيجارات

تطرقت المقالة السابقة لأكثر مدن العالم غلاء في العقارات، حيث تصل الأسعار في بعض المدن إلى مستويات مرتفعة جدًا.

وتنعكس هذه الأسعار بصورة أو بأخرى على تكاليف الإيجارات، ولكن ترتيب مدن العالم الأغلى إيجارا يختلف بعض الشيء عن ترتيب المدن الأغلى أسعارا للعقارات، ولمقارنة تكاليف الإيجارات بصورة علمية وعادلة بين مدن العالم المختلفة، لا بد من استخدام وحدة قياس إيجارات معيارية في مدن العالم المختلفة، وكوحدة قياس اختار أحد المصادر المتخصصة في إيجار عقار في حي جيد داخل المدن، ويكون في العادة شقة بمساحة تبلغ 120 مترا مربعا (قد تزيد المساحة أو تنقص قليلا في بعض المدن).

وحسب هذا المصدر احتلت مدينة هونج كونج المركز الأول عالميا في تكاليف الإيجارات، حيث وصلت تكاليف إيجار العقار القياسي ما يقارب 7500 دولار أو نحو 28 ألف ريال شهريا ( 336 ألف ريال سنويا).

بعد ذلك جاءت العاصمة البريطانية لندن في المركز الثاني بنحو 26.7 ألف ريال شهريا ( 320 ألف ريال سنويا)، ثم احتلت مدن برمودا وجنيف وموسكو المراكز الثلاثة التالية.

وكان ترتيب طوكيو المشهورة بغلاء الإيجارات العاشر عالميا بنحو 16.3 ألف ريال شهريا (196 ألف ريال سنويا). أما المدن العربية فقد احتلت دبي المركز الأول عربيا والسادس عشر عالميا وبتكاليف إيجار تصل إلى 11.5 ألف ريال في الشهر (138 ألف ريال سنويا). ومن المثير للاهتمام أن تكاليف الإيجارات المرتفعة ليست مقصورة على المدن الغنية، لكن هناك مدنًا تنخفض فيها متوسطات الدخول ومع ذلك فإن الإيجارات مرتفعة، فجاكرتا وبومبي تصل تكاليف إيجار العقارات المعيارية إلى 9.3 ألف ريال، و9.1 ألف ريال شهريا على التوالي.

من حسن حظ المستأجرين في المملكة أنه لا توجد أي مدينة سعودية في قائمة المدن العالمية الأكثر تكلفة في الإيجارات، ولكن القائمة ليست شاملة لجميع مدن العالم، ولهذا يمكن للمهتم أن يقارن التكاليف التي يواجهها أو الإيرادات المجنية مع نظيراتها في المدن العالمية باهظة التكاليف. وتتجاوز الإيجارات في بعض الأماكن المهمة والمطلوبة كالمناطق المحيطة بالحرمين وبعض المواقع الاقتصادية المهمة في المدن الرئيسة بعض المعدلات العالمية، ولكن لا ينبغي تعميم هذه الأسعار على باقي العقارات، فكل مدينة عالمية تحوي مناطق أعلى بكثير مما ورد في الترتيب، ولكنها لا تستخدم مرجعا لإيجار العقار في تلك المدن.

تشير المعلومات المتوافرة حاليًا عن مستويات الإيجارات في مدن المملكة الرئيسة إلى أنها تقل عن نظيراتها في معظم مدن العالم الغالية، بل إنها تقارب وقد تقل عن إيجارات العقارات في بعض المدن العربية كالقاهرة وعمان وبيروت حسب بعض المصادر.

وتمت المقارنة هنا لمساحات معيارية وبمواصفات شبه ثابتة لمدن العالم. ولهذا قد يقل متوسط الإيجارات في بعض مدن العالم المرتفعة التكاليف بسبب ميل المستأجرين لاستئجار عقارات بمساحات صغيرة أو بمواصفات أقل جودة.

تتفاوت معدلات عائد الاستثمار من الإيجارات بين مدن العالم، ولكنها تنخفض بوجه عام في المدن المرتفعة الأسعار. تحتل عاصمة مولدافيا قائمة أعلى مدن العالم في عائد الإيجار حيث يصل إلى 10 في المائة سنويا من قيمة العقار. ت

أتي مدن كنجستون (في جاميكا) والقاهرة في المركزين الثاني والثالث عالميا، بنسبتي عائد سنوية تصل إلى 9.8 في المائة، و9.4 في المائة. وعموما تحتل مدن الدول النامية أو الصاعدة ( سمها ما شئت) أعلى مراتب معدلات عوائد الإيجارات السنوية، بينما تأتي مدن العالم المتقدم بمعدلات تقل عن 6 في المائة سنويا، وقد تنخفض إلى معدلات متدنية نسبيا. ففي برلين يتراجع عائد الإيجار إلى نحو 4 في المائة من قيمة العقار، بينما لا يتعدى في طوكيو 2.7 في المائة سنويا.

ينحدر العائد من الإيجارات في أكثر مدن العالم غلاء في أسعار العقارات، حيث يصل إلى 2.6 في المائة في كل من هونج كونج ولندن بينما يتدنى في تايبيه إلى 1.6 في المائة. عموما قد لا يعد مستوى الإيجارات في مدن المملكة مرتفعا مقارنة بالمستويات العالمية، خصوصا في الوقت الحالي إثر التراجع الملحوظ في تكاليف الإيجارات.

وتمر أسعار وتكاليف العقارات وإيجاراتها بفترات ركود هذه الأيام، ولكن هذا لا يعني ضمان بقائها لفترات طويلة منخفضة، فعند عودة النشاط الاقتصادي القوي، أو الزيادات السكانية الناتجة عن النمو الطبيعي للسكان، أو الهجرات إلى أماكن العمل، تعاود العقارات والإيجارات الارتفاع.

ترتفع تكاليف إيجار العقارات لعدة أسباب من أبرزها تخلف الاستثمار العقاري عن مواكبة نمو الطلب عند مستويات أسعار معينة، نجاعة سياسات دعم وتوفير الإسكان الحكومية، ضيق المساحة الجغرافية، الكثافة السكانية العالية، عوامل ومراكز الجذب الاقتصادي والديني والسياحي، أنظمة التنمية العمرانية المتحكمة في التوسع الأفقي والعمودي، البيئة الطبيعية للمنطقة، الطفرات الاقتصادية، معدلات الأجور والدخل، تركز الملكية، وأنظمة الضرائب والملكية.

عند حدوث طفرات اقتصادية وطنية أو في مناطق معينة ترتفع الإيجارات بشدة ولفترة من الزمن حتى يتمكن المستثمرون وصناع القرار من توفير وحدات عقارية كافية لمواجهة الطلب، وتتراجع الإيجارات إذا تجاوزت الاستثمارات العقارية الطلب أو تراجع النشاط الاقتصادي بحدة.

المصدر