قال أحد العقاريين ما نصه: (بطلع قيمة رسوم الأراضي البيضاء من ظهر المواطن عند البيع..؟)، بدوري نقلت هذه العبارة نصيا إلى المشرف العام على برنامج رسوم الأراضي البيضاء بوزارة الإسكان المهندس محمد المديهيم، وقال – لن نعلق-، ولعل عبارته فيها قوة وتمكين من الأدوات التي يمتلكها من خلال رده القوي والمباشر على (تُجار التراب) وهذه العبارة تروق كثيرا لبعض العقاريين.
العقاريون جميعا سيكونون «تحت المساءلة» دون – استثناء- وهذه الأخيرة هي من تطال (المستقبل، البنية التحتية، التطوير، الرقي، النهضة، التحدي، النجاح، الفكر، المنافسة، الهمة، الطموح، الأصرار، العزيمة، الرؤية)، وتخالف مبدأ لكل مجتهد نصيب، ومن زرع حصد، لأن قاعدة الاستثناء تسير إلى «إن لم تزرع فستحصد»، و«إن لم تجتهد فسترتقي»، ولعلها في هذا العهد توارت كثيرا وستختفي تماما.
رد «الإسكان» على العقاري إياه، يُظهر مدى القوة التي تمتلكها الوزارة من خلال الصلاحيات الكبيرة الممنوحة لها من قبل مجلس الوزراء، وهذه بداية نجاح البرنامج لأن أي قرار جديد ومختلف يلمس عادات المواطن يحتاج إلى «حزم وعزم» في تطبيقه، فالعمل بالنظام على الجميع مطلب مهم وضرورة لنجاح البرنامج والذي يهدف إلى فك الاحتكار، الذي أرهق وبدد أحلام الشباب في تملك الأرض، وثم بناؤها، لأن ملاك العقار في كل منطقة من مناطق المملكة معروفون لدى الجميع فهم يعدون على اصابع اليد الواحدة، إضافة إلى أن تطبيق الرسوم حتما سيقلل الأسعار، ويزيد العرض، وهذا لا يتمناه العقاريون أبدا، لأنها ضربة قوية في رؤيتهم المستقبلية.
أي قرار يصدر في الدنيا بأي مجال، تسير معادلته إلى (طرف رابح وطرف خاسر)، وخسارة الطرف الآخر ليس في الغالب منها خسارة مهلكة، وإنما خسارة من الأرباح أو من الاستثمار، وهذه القاعدة معقدة؛ لأن تفسيرها يختلف من عقلية تاجر، إلى آخر والتفسير الأرجح أنها خسارة من الأرباح، كونه يربح مثلا: عشرين مليون ريال سنويا، بعد تطبيق القرار، سيربح أحد عشر مليون ريال، هو ما زال في فلك الأرباح ولكنها تقلصت من 20 إلى 11 مليونا، فضبط عدم تلاعب العقاريين في البيع والشراء ضروري جدا لجني الفائدة المرجوة من قرار رسوم الأراضي البيضاء على المواطن البسيط.
«الإسكان» عليها سرعة نشر لائحة العقوبات التي تفرض على المتلاعبين في تسديد الرسوم، وإقرار عقوبات على العقاريين المتلاعبين في الأسعار إذا تم تحديد سقف اعلى للأسعار في كل منطقة وكل حي وكل شارع، كل تلك القرارات لن تثمر إلا بتغليظ العقوبات والتشهير بهم…إذا صدق العقاري وطلع قيمة الرسم من ظهر المواطن، ينطبق المثل اللي يقول: ((لا طبنا ولا غداء الشر)).
عوائد الرسوم كبيرة سنويا إذا ما علمنا أن هناك العديد من المساحات الكبيرة داخل المدن الرئيسية تعادل قيمتها السوقية مئات الملايين، بالتالي من المفترض أن تسخر كافة العوائد لبناء المساكن للمواطنين وفقا للبرنامج الذي تفرضه الوزارة.
المرحلة الثانية من المسوحات التي تعملها «الإسكان» لحصر الأراضي البيضاء في المدن الرئيسية تشمل المدينة المنورة ومكة، وهي بطبيعة الحالي وفقا لتوقعي الشخصي أنها ستكون أقل بكثير عن المساحات التي أعلنت في الرياض والدمام وجدة، ولكنها أغلى من ناحية قيمتها السوقية لان قيمة المتر في مكة والمدينة يصل إلى عشرة أضعاف قيمته في الرياض والدمام، وهذا دليل على المردود المادي الكبير من الرسوم.
من يكسب التحدي بين الوزارة والعقاريين، سؤال كبير إجابته تكشفها الأيام المقبلة.