الاقسام: عقار

رسوم الأراضي وعوائق التطوير العقاري

عبدالله صادق دحلان

لم أكن أول من دق جرس أزمة الإسكان في مؤتمر جدة الاقتصادي قبل سنوات مضت، ولكنني أجزم اليوم أن الدولة جادة وحريصة على معالجة قضية أزمة الإسكان بكل الطرق والوسائل، ومن المؤكد أن المعاناة عامة لجميع فئات ذوي الدخل المحدود. ومنذ أن أصبحت القضية الشغل الشاغل للمواطنين والحرص الأكبر للدولة لمعالجتها. فإن هناك مجموعة من القرارات قد اتخذت بهدف معالجة القضية. وقبل أن أدخل في تفاصيل القرارات الإيجابية لابد لنا أن نضع يدنا على أساس المشكلة قبل صدور بعض قرارات التمويل وتخصيص الأراضي لوزارة الإسكان. فإن الأزمة بدأت نتيجة ارتفاع نسب النمو السكاني في العشرين عاماً الماضية مما ساهم في زيادة الطلب على السكن لفئة الشباب المستقلين عن أهلهم بعد حصولهم على الشهادات الجامعية أو غيرها من المؤهلات العملية بالإضافة إلى انخفاض العروض من الإسكان بسبب صعوبة الحصول على الأراضي نظراً لارتفاع أسعارها وعندما اتخذت الدولة قرار منح الأراضي لفئة ذوي الدخل المحدود وتم التوزيع من الأمانات إلا أنها في مناطق خارج النطاق العمراني وهي مناطق غير مؤهلة للسكن لعدم توفر البنية التحتية والطرق الأساسية مما دفع أصحاب المنح إلى بيعها لهوامير المنح والاستفادة من بيعها لتوفير مستلزمات أخرى مما ساهم في تفاقم المشكلة، ولم تعالج قضية ذوي الدخل المحدود الذين حاولوا الحصول على قروض صندوق التنمية العقارية نظرا لأن مدة الانتظار تجاوزت ربع قرن مما دفع الدولة إلى التدخل ورفع رأس مال صندوق التنمية العقارية وتكليف وزارة الإسكان بتولي مهمة البناء لذوي الدخل المحدود وإحالة جميع أراضي الدولة في المدن وحولها لوزارة الإسكان. والحقيقة كان هذا أكبر دعم في تاريخ الإسكان في المملكة حيث رصدت الدولة 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة في خمس سنوات بمعدل مائة ألف وحدة سكنية سنوياً، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان تم رصد 20 مليار ريال إضافية لدعم البنية التحتية للأراضي لتسريع عملية البناء والاستفادة من الأراضي. وحسب إحصائيات وزارة الاقتصاد والتخطيط فإن الدولة بحاجة إلى بناء 200 ألف وحدة سكنية سنوياً لمعالجة العجز في خمس سنوات قادمة.

والحقيقة يصعب علينا تحميل أي وزير من وزراء الإسكان مسؤولية الفشل في معالجة الأزمة لأن الصورة واضحة من البداية وهي أن هناك أزمة سكن ولا توجد أراض وعندما خصصت الأراضي اكتشفنا أنه لا يمكن الاستفادة منها لأنها بعيدة وبدون بنية تحتية، وعندما تم رصد ميزانية للبنية التحتية أصبحت القضية عدم وجود قدرة على التمويل الفردي للبناء لعدم قدرة صندوق التنمية تمويل جميع المتقدمين. وأخيراً اتخذت الدولة قرارا حكيما في تحويل الصندوق العقاري إلى مؤسسة مالية ذات قدرات أكبر لتوسيع دائرة تمويل الفرد إلى تمويل الشركات المطورة ودخلت وزارة الإسكان في طريق التطوير المشترك مع القطاع الأهلي لتسريع عملية البناء، إلا أن القطاع الخاص لن يدخل التطوير ما لم تكن له مصلحة اقتصادية أي أن هناك تكلفة أرباح إضافية قد ترفع التكلفة النهائية ويتضرر المواطن. ولهذا قد يكون من الأجدى أن تتولى وزارة الإسكان أو (بنك الإسكان) البناء لحسابهم بالتكلفة عن طريق القطاع الخاص كمقاول وليس مطور وكذلك تفعل معظم دول العالم التي تولت معالجة مشكلة الإسكان للفقراء وذوي الدخل المحدود. وأجزم أن مائتي ألف أو خمسمائة ألف وحدة سكنية أكبر من طاقة شركات المقاولات مجتمعة في المملكة وعليه لا أرى مانعا من دعوة أكبر الشركات العالمية المتخصصة في الصين وكوريا وماليزيا والدول الإسكندنافية للمساعدة في البناء السريع. إن قرار الدولة الأخير بتحديد مدة زمنية لصدور قرار رسوم الأراضي الفضاء داخل النطاق العمراني وسيكون له أثر كبير في تحريك سوق العقار وخفض أسعاره سيكون له الأثر الإيجابي في دفعهم للتفكير في تطوير أراضيهم داخل المجال العمراني. كما أنني آمل أن يكون عائد رسوم الأراضي يصرف في كل مدينة أخذ منها الرسم ويوضع في صندوق تابع لوزارة الإسكان لبناء سكن للفقراء وتطوير العشوائيات في كل مدينة. إن إعادة النظر في نظام الارتفاعات داخل المدينة سيحل جزءاً كبيراً من مشكلة الإسكان سريعاً وسيضاعف الطاقة الاستيعابية، كما أن البحث عن وسائل وتقنيات جديدة في البناء تسهم في تخفيض تكلفة البناء سيكون لها أثر كبير في قدرة الأفراد على امتلاك المنازل. ورغم جميع الصعوبات التي ذكرتها والتي ساهمت في تفاقم أزمة الإسكان فإن هناك صعوبة كبيرة ومعضلة أساسية ساهمت في بطء النمو السكاني وهي البيروقراطية القاتلة في بعض أمانات المدن لمنح تراخيص البناء أو كروكيات الأراضي والتي وصلت مدة البعض منها إلى أعوام للحصول على ترخيص بناء مشروع سكني أو مكتبي أو تطوير إسكاني. وتحولت بعض الأمانات إلى عوامل طرد للمستثمرين في التطوير العقاري.

إن قرارات الدولة الأخيرة لدعم الإسكان أكبر دليل على حرص الدولة على شعبها. وإذا جاز لي الاقتراح فإنني أقترح السماح للبنوك بتمويل الأفراد للبناء بنسبة تمويل تصل إلى 80% تمويل بنكي و20% تمويل خاص حيث إن النسبة الحالية عالية جداً على الموظفين من ذوي الدخل المحدود ولا مانع من إطالة مدة التقسيط وإذا صعب ذلك على البنوك السعودية السماح للبنوك الخليجية أو الأجنبية للدخول في مجال التمويل الشخصي.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 25 أكتوبر 2015 2:14 م

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020