رجاء العتيبي: اشتر منزلاً جميلاً

القاعدة تقول: اشتر منزلاً كلما رأيته أنت، جاء جميلاً في نظرك، ليس التلوين الخارجي، وليس بالضرورة الأثاث الداخلي، وإنما المقصود تصميم المعمار من الداخل والخارج، تراه جميلاً بمجرد أن تلقي نظرة عامة على واجهة المنزل، وتراه جميلاً وأنت تدخل بين ردهاته.

منزل جميل ومقنع من أول خطوة تخطوها بداخله: ممراته، أبوابه، ألوانه، سقفه، الصالة، البهو الخارجي، الزجاج، أفياش الكهرباء،  وتشمل: موقعها لونها، ملمسها، مرونتها، كل ذلك يبدو جميلاً، وأنت تتفحص المنزل لأول مرة بغرض الشراء، كل التفاصيل الداخلية والخارجية تجذبك، وتعطيك فكرة عن مالك المنزل الذي بناه بأنه يحمل ذوقاً رفيعاً.

اشتر منزلاً وادفع فيه على قدر جماله أولاً، ثم على قدر الإيفاء بحاجتك، بإعتبار هذا المكان سيصبح جزءًا من روتينك اليومي, ستنظر إليه صباح مساء، إذا كان جميلاً أعطاك انبساطاً داخلياً، ولا تستهن بهذا الشعور مطلقًا، لأن غير ذلك سيكون عبئًا نفسيًا عليك.

الجمال المقصود هو جمال المعمار الذي انتهى به البناء، أما التصميم الداخلي فهذا شأنك، صممه كيفما تشاء، بحسب قدرتك المالية وحسك الجمالي، ولكن لا تتنازل عن جمال المعمار مهما كلفك الأمر، واترك المنزل الذي بناه عقاري بأقل التكاليف، فإنه لن يبدو جميلاً لا هو يملك حساً فنياً، ولا المنفذين فكلهم أبعد ما يكون عن الجمال.

ربما في هذه اللحظة أنت تريد منزلاً وحسب يلم شتات عائلتك، بأي تصميم كان، لا بأس من حقك أن تفعل؛ ولكن على الأقل لا تجعل أبناءك يفعلون كما فعلت بشراء منزل غير جميل لظرف أعجزك عن الاختيار الأفضل، دعهم يكبرون على الحس الجمالي للمنزل، رتب لهم زيارات لمنازل جميلة هنا وهناك، واعمل لهم برنامج إدخار خاص بشراء منزل، حتى لو بعد 10 سنوات أو 15 سنة، قل لهم أنك اشتريت منزلاً غير جميل لظرف أعجزك عن شراء غيره؛ ولكن لا تقل لهم هذا منزل جميل وتقنع نفسك وتقنعهم بذلك، لا تأخذك العزة بالإثم، قل لهم: اشتروا منزلاً كلما رأيتموه صباحًا، رأيتموه جميلاً، وكلما مررتهم بجانبه بالسيارة والتفتم نحوه ابتسمتم لجماله وخالجكم شعور بالارتياح.

أتوقع خلال سنوات قليلة ستجد الفلل التجارية عزوفًا من المشترين لأنها ليست جميلة في المقام الأول، وصينية في المقام الثاني، الانفتاح على العالم جعل الأسرة السعودية أكثر ذوقًا من ذي قبل، شاهدوا تصاميم عبر قنوات التواصل الاجتماعي، وتخرج فتيان وفتيات كثر من الجامعات في الداخل والخارج في أقسام: العمارة، والتصميم الداخلي، والهندسة، وباتت منتجات (زهاء حديد) – رحمها الله – قريبة منا نشاهدها في أي مشوار نذهب إليه.

لا يعني حاجة الناس للسكن أن تبنوا لهم مجمع إسكان متلاصق مثل بعض تصميمًا ولونًا ومعمارًا، مبانٍ مثل صناديق (الطماطم المتشابهة)، دعوا كل أسرة تبني بحسب ذوقها، دعوا الغني والفقير ومتوسط الحال يسكنون بالقرب من بعضهم، لا تسهموا في حدة الهوة بين طبقات المجتمع، هذا سكناك وهذا سكنانًا، دعوا الأبناء والبنات يصمموا منزلهم لقد باتوا مؤهلين أكاديميًا، لا تتركوا منزل الأسرة يبنيه مقاول أجنبي أمي، ولا تتركوا المسألة لعقاري يبني منزلاً هشاً ليكسب ضعف تكلفة البناء.

لهذا لا تتنازل عن شراء منزل جميل، مهما كلف الأمر، ومهما كانت حاجتك، لأن جدرانه ستكون ملء سمعك وبصرك كل يوم, فاجعلها جميلة حتى لا تندم على تحويشة العمر والديون والأقساط التي دفعتها فيه.

المصدر