عقار

د. هاشم النمر: الصندوق العقاري بين احتياجات المواطنين و فوائد البنوك

د. هاشم النمر

الصندوق العقاري ذلك الصرح الحكومي الكبير الذي تم إنشاؤه قبل حوالي الأربعة عقود لخدمة المواطنين، وأصبح الملاذ الآمن لكل مواطن يحلم بتوفير سكن مناسب له ولأسرته، وقد تم دعمه من الدولة برأس مال 191 مليار ريال.

وعانى الصندوق في البدايات من التباطؤ في سداد القروض الممنوحة حتى أن الصندوق أعلن مؤخرًا أن القروض المستحقة تقدر بحوالي 157 مليار ريال وهناك تعثر بالتحصيل بمقدار 32 مليار ريال.

مع العلم بأن هناك تحسنًا كبيرًا في تسديد القروض لاسيما بعد ربط الصندوق العقاري بمؤسسة النقد وصندوق التقاعد، ولتيسير سرعة صرف القروض السكنية للمواطنين قام البنك بتحويل المستحقين إلى البنوك التجارية، وهذا هو ديدن معظم الدول العالمية، وإلا سيضطر آلاف المواطنين الانتظار لعشرات السنين حتى يحصلوا على قروضهم العقارية.

وتكمن المشكلة في هذا التحول إلى تكبد العديد من المواطنين مشقة دفع الفوائد المستحقة من إقراض البنوك التجارية لهم،  ناهيك عن عدم توفر المنتجات السكنية المناسبة التي تقدمها البنوك التجارية، و التي تتنافى مع احتياجات المواطنين.

مما أضطر نسبة كبيرة من المواطنين المتضررين اللجوء إلى القضاء والمطالبة بتمويلهم من قبل الصندوق العقاري وعدم تركهم في أحضان البنوك التجارية، وبعد هذه المحاولات تمت الموافقة على استثناء صرف قروض المواطنين الذين تقدموا بطلباتهم قبل شهر رجب من عام 1432 هــ، بحيث تمول من رأس مال الصندوق ووفقا لقرار مجلس الوزراء رقم 82.

وتتوالي مبادرات الصندوق العقاري لمواكبة الطلب العالي على تملك المساكن، ومنها مبادرة خدمة التمويل المدعوم للبناء الذاتي، حيث يتم منح القرض للمواطنين الذين يملكون أراضي ويرغبون بالبناء.

الجميل هنا أن الصندوق يتحمل أرباح قروض التمويل 100% وذلك لأصحاب الدخل الشهري الأقل من 14000 ريال، ويتم الأخذ في الاعتبار الذين يزيد دخلهم عن هذا المقدار في حال تعدد أفراد الأسرة.

وبالرغم من هذا التوجه المفيد؛ إلا انه توجد العديد من الملاحظات وجميعها تدور حول مقدار الاستفادة الكبير للبنوك التجارية من الطلب المتزايد على الإسكان وما يقابله من محاولات صادقة من الدولة لتلبية رغبات المواطنين الحالمين بتملك المسكن.

فعلى سبيل المثال، تقييم سعر الأرض التي سيبنى عليها المسكن من الشروط الأساسية لمنح القرض، وبالتالي يكون القرض الممنوح بنسبة معينة تقدر بحوالي 85 % من سعر الأرض، أضف إلى ذلك أن هناك معدل تقريبي لسعر الأرض يجب أن لأتقل عنها للحصول على كامل مبلغ القرض.

وتعتبر هذه الإجراءات بمثابة حماية للبنوك لرهن الأرض وبيعها سريعا في حال فشل المواطن عن سداد القروض المستحقة، ومن الإجراءات الوقائية للبنوك لغرض الحماية أيضًا هو عدم منح قرض عقاري لأي مواطن علية التزامات مالية أخرى أو أن هناك ملاحظات على السجل الائتماني.

وهناك اختلاف واضح في آلية تعامل البنوك مع نظام البناء الذاتي، فلا يوجد قانون صريح يوحد المنتجات البنكية المقدمة للمواطن للحصول على سكن المستقبل، واغلبها لا يتناسب مع تطلعات المواطن.

ومن الملاحظ أن نسبة الفائدة التي يتحملها الصندوق عن المواطن لصالح البنوك التجارية كبيرة جدًا، بعضها يكون مساويا للقرض الأساسي التي تم إقراضه للمواطن.

معلوم أن دعم البنوك المحلية يعتبر ناجحًا من الناحية الاقتصادية؛ لكن من الممكن الاستفادة من الفوائد الكبيرة التي يدفعها الصندوق للبنوك في تمويل مواطنين آخرين في قائمة الانتظار، لذا يفضل أن يتم التفاوض مع البنوك لتقليل نسبة الفوائد المحصلة لاسيما أن هناك تنافسية كبيرة بين البنوك لجذب المواطنين للأقتراض منهم.

يجب على البنوك في المقابل تقديم خدمات أخرى للمجتمع وذلك من باب الخدمة المجتمعية، وتكون على سبيل المثال موجهة لذوي الدخل المحدود مباشرة لمساعدتهم على تملك المسكن بسعر رمزي أو مجاني، ومن الممكن دعم جهود وزارة الإسكان بضخ أموال لمساعدة المواطنين على التملك، علمًا بان هناك العديد من الوسائل التي قد تلجا إليها الدولة لتقليل نسبة فوائد قروض الإسكان، ومن ضمنها جذب المستثمرين الأجانب لضخ أموالهم في بناء مساكن المواطنين بسعر فائدة منافس، أو إصدار الصكوك الإسلامية أو الاقتراض من الخارج والاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة عالميا.

ومن المعلوم أن كامل التعامل للحصول على القرض أصبح إليكترونيًا عن طريق الدخول على موقع وزارة الإسكان وهناك برنامج يوضح كامل الحسابات المتعلقة بالقرض؛ لكن نتمنى من الصندوق العقاري عمل دورات تثقيفية لموظفيها للإجابة على تساؤلات المواطنين المختلفة وليكونوا على إطلاع تام بكامل تفاصيل التمويل المدعوم للبناء الذاتي سواء تفاصيل فنية أو حتى الإجابة عن الأمور الشرعية المتعلقة بالقرض, آلية التسديد وتحمل الفائدة، المدة الزمنية للحصول على القرض وغيرها من التساؤلات.

أخيرًا من الضروري التعاون مع وزارة العمل لتقنين وتوحيد تسعيرة الأيدي العاملة لاسيما بمغادرة أكثر المقاولين والعمال المغتربين مؤخرًا، وذلك لتقليل مقدار القروض الممنوحة وأسعار الفوائد المصاحبة.

المصدر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020