عقار

د. عبد العزيز الغدير: سكني .. وخفض أسعار المنتجات الإسكانية

د. عبد العزيز الغدير

في المؤتمر الذي عقدته وزارة الإسكان بمناسبة إطلاق الدفعة الثالثة من المنتجات السكنية التي اشتملت على 18799 منتجا سكنيا لفت نظري ما قاله طلعت حافظ، رئيس لجنة الإعلام والتوعية في المصارف السعودية، إن المصارف السعودية ماضية قدما بالتوسع في توفير التمويل الإسكاني المدعوم من قبل صندوق التنمية العقاري، خصوصا أن أسعار الوحدات السكنية أصبحت في متناول اليد وفي نطاق قدرات أصحاب الدخول من المواطنين، وبدأنا بأربعة مصارف واليوم وصلنا لثمانية مصارف ونتوقع انضمام كل المصارف قريبا”، منوها باستراتيجية وزارة الإسكان التي ستعالج المشكلة الإسكانية بمعدلات متسارعة من خلال تمكين المواطن ودعم المنتجين.
وبكل تأكيد ما قاله طلعت حافظ ليس فرقعة إعلامية أو نوعا من أنواع المجاملة بل كلمة احتوت على بعد استراتيجي مهم وحاسم يقف وراء مشاركة المصارف التي تبحث عن الربح بالتوجه للمجالات المربحة وقليلة المخاطر كالقروض الاستهلاكية لموظفي الدولة وأصحاب الملاءة المالية.

وكلنا يعلم أن المصارف السعودية تشكل التمويل الإسكاني النسبة الأقل من محفظتها التمويلية في السنوات الأخيرة لأنه إضافة إلى ربحية وضعف مخاطر تمويل القروض الاستهلاكية للأفراد فإن العقارات ارتفعت أسعارها في السنوات الماضية لمستويات أعلى من نطاق قدرات أصحاب الدخول المتوسطة بشكل ينذر بمخاطر عالية حيث إن انخفاضها المتوقع حال نزول أسعار النفط أو اتخاذ سياسة تثبيطية للقطاع كما الرسوم على الأراضي البيضاء يوقع المصارف الممولة للمشترين في خطر تخلي المشترين عن المساكن الممولة من قبلهم لانخفاض قيمتها مقابل قيمة وتكلفة القرض وبالتالي تتحول الديون الإسكانية الكبيرة لنوع من أنواع الديون المعدومة أو الخاسرة.
واليوم كما يقول حافظ أصبحت أسعار الوحدات السكنية من شقق ودبلكسات وفلل في متناول اليد وفي نطاق قدرات أصحاب الدخول من المواطنين نتيجة ما قامت به وزارة الإسكان من جهود لجعلها في نطاق سعري في متناول اليد ومنطقي وهو 250 إلى 700 ألف ريال، وبالتالي حسب رأيي فمخاطر انخفاضها لأكثر من ذلك أمر غاية في الصعوبة كما أنه ستكون نسبة تعثر المواطنين في السداد منخفضة جدا لأن الأقساط الشهرية ستكون في حدود الإيجارات التي يدفعها المواطن للسكن.
والسؤال المهم الأول الذي خطر ببالي: هل النطاق السعري المتناول من الطبقتين المتوسطة ومحدودة الدخل الذي تستهدفه الوزارة من 250 إلى 700 ألف ممكن أم أنه حلم؟

وخاصة أننا نعلم أن الشقق وصلت لأسعار بمتوسط 550 ألف ريال والفلل بمتوسط 1.5 مليون ريال والدبلكسات بمتوسط 1.2 مليون ريال انخفضت أخيرا بنسب متفاوتة إلا أنها ما زالت بعيدة عن هذا النطاق الذي أعلنته الوزارة.

والسؤال الثاني: هل لدى وزارة الإسكان استراتيجية واضحة للمحافظة على هذا النطاق السعري لسنوات طويلة رغم القرارات المتعلقة بارتفاع تكلفة العمالة الوافدة والرسوم والضرائب؟

والسؤال المهم الثالث: هل تخفيض أسعار الوحدات السكنية إلى هذه الأسعار سيثير غضب العقاريين من ملاك أراض ومطورين وملاك أصول عقارية مؤجرة لأنه سيخفض بالمحصلة إيراداتهم وربما أرباحهم وبالتالي يؤثر سلبا في مستوى تعاونهم مع وزارة الإسكان لكيلا تنجح خططها في تخفيض الأسعار لمستوى قدرات الطبقة المتوسطة والدخل المحدود؟

والسؤال الرابع: ما موقف المواطن الواعي من الوزارة بعد الضغط على أسعار الوحدات السكنية لهذه المستويات المتناولة؟
كلمة الوزير الحقيل في المؤتمر ذاته أكدت أن وزارة الإسكان ستجعل هذه النطاقات السعرية حقيقة، وأن الوزارة تبيع حاليا منتجاتها من الوحدات الإسكانية بهذه النطاقات السعرية إلا أن هذا بالنسبة لي ليس كافيا لأن الوزارة تستطيع بيعها بالسعر الذي تريد وهي وزارة لا تهدف للربح، ولكن ما طمأنني هو قول الوزير الحقيل إن الشراكة مع القطاع الخاص تستهدف توفير وحدات سكنية بقيمة تراوح بين 250 ألفا إلى 700 ألف ريال من خلال حزمة من المحفزات لتطوير وحدات سكنية متنوعة منها السماح بالبيع على الخريطة على أراضي الوزارة أو أراضي المطورين أو الأراضي الخاضعة لرسوم الأراضي، وفي المؤتمر ذاته تم توقيع اتفاقيتين مع شركات مطورة في المنطقة الشرقية.
إذن الوزارة توجهت لحل القضية من قبل القطاع الخاص لأن القطاع الحكومي مهما عظمت قدراته لن يستطيع الوفاء بالالتزامات وتغطية قائمة الطلبات الكبيرة التي تتزايد بمرور الوقت، وفي سبيل اكتمال منظومة الإنتاج والاستهلاك يجب أن تشارك المصارف في تعظيم قدرة المستهلك ليتحقق الطلب لتنطلق مسيرة تقليص قائمة الانتظار بالتزامن مع تقليل مدة الانتظار، والمصارف لن تشارك إلا في نطاقات مناسبة لقدرات المشترين كما أوضح طلعت حافظ، وبالتالي على المطورين قبول هذه النطاقات السعرية لكي تنشط السوق وتتكامل عناصرها وتتحقق الإيرادات والأرباح المستدامة وإن قلت إن هذا ما قبل به المطورون الذين بدأوا بالتوافد على الوزارة من خلال برنامج “إتمام” لتقديم مخططاتهم واستكمال إجراءات الترخيص ومن ثم التسويق من خلال برنامج البيع على الخريطة “وافي”، وهذا يجيب عن سؤال بشأن رضا أو غضب المطورين، حيث كما يبدو لي أنهم موافقون على هذه الصيغة التي تحقق معادلة الجميع يربح بشكل معقول بديلا لصيغة واحد يربح والآخرون يخسرون.
المعادلة التي أعلنتها وزارة الإسكان لحل المشكلة الإسكانية من خلال توفير مساكن بأسعار في متناول اليد للطبقتين المتوسطة والمحدودة، وتوفير تمويل مدعوم لمن هم في قوائم الانتظار، وتحفيز الاستثمار العقاري في مجال المساكن بشكل مستدام ستحقق كما يبدو الاستدامة بهذه النطاقات السعرية، كما سيتحقق رضا المواطن المنصِف متى ما وعى تفاصيل المشكلة وحجمها والتجارب الدولية الناجحة في معالجتها من خلال تعزيز قوة عناصر السوق الإسكانية من مطورين ومستفيدين ووسطاء وممولين كالمصارف وشركات التمويل العقاري والمقاولين والسماسرة وغيرهم، والأمل معقود على الوزارة أن توعي المواطن بدورها التنظيمي التحفيزي والرقابي وعلى المواطن البحث عن الحقيقة بمنطقية بعيدا عن العواطف.

المصدر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020