عقار

د. سعيد العضاضي: نشاط العقار في الشركات العائلية

د. سعيد بن على العضاضي

يعد نشاط العقار ضمن الأنشطة الرئيسة للشركات العائلية في المملكة العربية السعودية، إن لم يكن هو النشاط الرئيس. ويقوم هذا النشاط بعدة أعمال منها على سبيل المثال التطوير العقاري، وأعمال الوساطة، والمشاركة في التسويق العقاري. وعادة ما يتم كل هذا من خلال مكتب عقار تقليدي يعتمد بشكل رئيس على سواعد الشركاء الذين يعملون كفريق عمل واحد حسب حجم العمل وزيادته أو نقصانه. ومن المسؤوليات التي يضطلع بها فريق العمل ما يلي:

– البحث عن الفرص الاستثمارية للعقار الخام، وإجراء بعض التطويرات عليه ومن ثم بيعه.

– شراء الأراضي الخام والاحتفاظ بها ومن ثم بيعها، دون إجراء أي تطوير عليها، من أجل الاستفادة من ارتفاع السعر بتحقيق أكبر عائد.

– إيجاد فرص للدخول في مساهمات عقارية مع شركاء ثقات.

– تبادل الرأي حول تخطيط الأراضي الخام، وتطويرها تمهيدا لبيعها.

– البحث عن مقاولين لتطوير الأراضي الخام، والتعاقد معهم في ذلك.

– التعاون في إنهاء الإجراءات المطلوبة في المخططات والأراضي الخام لدى الجهات الحكومية الرسمية.

– إفراغ الأراضي المبيعة لمشتريها.

وعلى الرغم من أن هذا النشاط أكثر تنظيما وترتيبا من النشاطات التجارية الأخرى التي تقع تحت مظلة الشركات العائلية، كالبيع بالتجزئة أو الجملة أو المحروقات، إلا أن هناك مجموعة من الملاحظات التي تم رصدها على هذا النشاط. أهم ملاحظة أن العقار في الشركات العائلية مستقل ومنفصل تماما عن بقية أنشطة الشركة، حيث يمارس وكأنه وحدة مستقلة، فلا يستفيد من الإمكانات البشرية والمادية المتوافرة لدى الشركة، كما أن له سجلاته الخاصة به وله إيراداته ومصروفاته التي لا تصب في سجلات الشركة.

وهذا الانفصال عن أعمال الشركة أدى إلى مجموعة من الانحرافات على كافة الأصعدة من حيث طريقة التسويق والمالية والموارد البشرية ورواتب العاملين ونظم المعلومات الإدارية والمحاسبية والتسويقية وغيرها. فعلى سبيل المثال نجد أن سجلات نشاط العقار عبارة عن سجلات يدوية توثق كافة عمليات العقار من بيع وتحصيل وإفراغ وتوثيق وعقود بيع وسجلات صكوك وغيرها. وعلى الرغم من أن هذه السجلات تساعد على اتخاذ القرارات لهذا النشاط وتعتبر أكثر تنظيما من بقية سجلات الأنشطة الأخرى للشركات العائلية، إلا أنه يعاب عليها أنها تنجز بطريقة تقليدية، فهي في مجملها سجلات ورقية تسجل بطريقة يدوية توضح بيانات الأراضي والمخططات والعملاء والمتحصلات والإفراغ وغيرها، ويمكن وصفها بأنها سجلات أرشيفية لحفظ الوثائق والمستندات ولا ترتقي إلى أن تكون نظاما محاسبيا يسجل نتائج النشاط خلال فترة زمنية محدودة، ويظهر المركز المالي للنشاط بدقة.

ولهذا فهي لا تتعدى أن تكون دورة مستندية لا تفي باحتياجات هذا النشاط، كما تنقصها آليات للرقابة مثل آليات تعميد العمليات المالية، وتفتقر كذلك إلى بعض التقارير المهمة التي تساعد إدارة الشركة على اتخاذ القرارات وتساعدها في عمليات التخطيط والرقابة، كما أن هذه الدورة المستندية لا تستطيع أن تقدم صورة شاملة وكاملة عن جميع العمليات المالية، ما يساعد الإدارة على أخذ صورة موحدة وشاملة عن نتائج الأعمال. ولكن رغم كل هذا نجد نشاط العقار هو النشاط الوحيد الذي له دورته المستندية الخاصة به، بخلاف بقية الأنشطة التي تفتقر إلى وجود دورة مستندية متكاملة وواضحة المعالم.

لكن وجود دورة مستندية لا يعني أن نشاط العقار يتبع الطرق العلمية، فالطريقة التي يتبعها – خصوصا فيما يخص السجلات – أبعدته عن الاستفادة من الثورة المعلوماتية في نظم المعلومات وكذلك التطورات التكنولوجية في تبسيط وتوثيق وإنجاز كافة الأعمال المنوطة. وأرى أن هناك عدة أسباب لبقاء نشاط العقار يمارس بالطريقة التقليدية، منها أن غالبية القائمين عليه في الشركات العائلية من كبار السن الذين اعتادوا على الأسلوب اليدوي في الحفظ والتوثيق، وبعضهم يرفض توظيف التقنية لصعوبة استيعابها من قبلهم، كما أن نشاط العقار هو النشاط الرئيس الذي يغذي كافة أنشطة الشركات العائلية، ويخشى القائمون عليه من انهياره، لأنهم يرون انهياره تهديدا لبقاء الشركة.

ورغم أن العمل في هذا النشاط أشبه ما يكون بالعمل الجماعي، الذي يحتاج إلى اجتماعات دورية، إلا أن هناك بعدا عن المنهجية العلمية عند إجراء الاجتماعات، فتتم الاجتماعات بطريقة غير منتظمة، ولا تحرر في شأنها ولا في شأن القرارات المنبثقة عنها محاضر اجتماعات، ولا يتم توثيق الأحداث والتوصيات والقرارات. وبما أن هذا النشاط منفصل تماما عن أنشطة الشركات العائلية فإن أتعاب العاملين تعطى لهم من عمولة مكتب العقار عند بيع قطع الأراضي، حسب المتفق عليه وحسب نشاط كل فرد.

وعند فحص نظام المعلومات لنشاط العقار في الشركات العائلية لم يتبين وجود قاعدة بيانات خاصة بالعملاء. فوجود قاعدة بيانات أمر ضروري لنجاح نشاط العقار لاحتوائها على بيانات ذات مصداقية عن العملاء، تساعد الشركة على التواصل المستمر معهم وتحقيق تطلعاتهم، بجانب ما تسهله من إجراء بحوث تسويق وجمع المعلومات من مصادرها.

وأريد أن أختم فأقول إن ممارسة نشاط العقار في الشركات العائلية بهذه الطريقة يشتت الطاقات ويبعثرها، وتكون هناك ازدواجية في الجهود وعدم تكامل المنظومة. لذا ينبغي إعادة هيكلة كافة الأنشطة “ومنها العقار” ووضعها تحت مظلة واحدة في الهيكل التنظيمي، حيث تدخل إيرادات ومصروفات كافة الأنشطة “ومنها العقار” ضمن قوائم مالية موحدة، للاستفادة من الإمكانات المتاحة وتحقيق وحدة اتخاذ القرار وتكامل المعلومات ومقدار السيولة والتدفق النقدي، وغيرها من المنافع.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 10 نوفمبر 2016 12:08 م

نشر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020