عقار

د.إحسان بوحليقة: هيكلة أسعار الطاقة.. وطاقة المستهلك

د. إحسان علي بوحليقة

لنتفق من البداية أن الدعم الشامل ينطوي على هدرٍ بطبيعته، إنطلاقاً من أنه لا يفرق بين من يحتاج الدعم ومن لا يحتاجة. وعلى مستوى المنتجين، لا يفرق الدعم الشامل بين من ينمي المحتوى المحلي وبين المنشآت “الأشعبية” التي تأخذ من اقتصادنا المحلي ولا تعطيه؛ فلا سعوديون يعملون لديها، ولا تعتمد على توظيف الموارد الطبيعية واللوجستية توظيفاً حاذقاً. أمثال هذه المنشآت تلاشيها خيرٌ للاقتصاد من بقائها. إذ أن الاقتصاد يزدهر وينمو عند وجود شبكة متكاملة من تبادل المنافع، ويذوي ويضعف عند استشراء  وانتشار المنشآت الأشعبية التي تعمل وفق  نموذج عمل أساسة: هات وهات ثم هات.

لا مفاجأة

قبل عامين أعلنت الحكومة، بالتزامن مع صدور ميزانية العام 2016، حزمةً للإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية، تتكون من 14 عنصراً لرفع كفاءة الانفاق الحكومة. وتناول العنصر الحادي عشر من تلك الحزمة إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي، وتحديداً مراجعة وتقييم الدعم الحكومي، ويشمل ذلك تعديل منظومة دعم المنتجات البترولية والمياه والكهرباء وإعادة تسعيرها يراعى فيه التدرج في التنفيذ خلال الخمسة أعوام القادمة، بهدف تحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة والمحافظة على الموارد الطبيعية ووقف الهدر والاستخدام غير الرشيد، والتقليل من الآثار السلبية على المواطنين متوسطي ومحدودي الدخل، وتنافسية قطاع الأعمال.”

وقد اتخذت الحكومة جملةً من الخطوات المتسقة لتحقيق عناصر تلك الحزمة، بما في ذلك إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي. وحتى تحقق تلك الخطوات الأهداف الاجتماعية-الاقتصادية، فقد كان تنفيذها مشمولاً ضمن تحقيق “رؤية المملكة 2030″، ولذا –وبطبيعة الحال- فقد حظي باهتمام برامج تحقيق الرؤية، وتحديداً برنامج تحقيق التوازن المالي 2020 (والذي مُدد أجله مؤخراً إلى 2023)، ويشمل البرنامج مجموعة من العناصر بما في ذلك حساب المواطن وتصحيح أسعار الطاقة والمياه.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن استهلاك المملكة من الطاقة هائل، نسبة لعدد السكان ولنشاط المملكة الاقتصادي، حيث يبلغ 4.7 مليون برميل نفط مكافئ يومياً تتكون من منتجات عديدة، مثل الغاز الطبيعي، وسوائل الغاز، والبنزين، والكيروسين، والديزل، وزيت الوقود، والأسفلت وغيرها.

وبالفعل فقد شهد إجمالي الطلب على الطاقة في المملكة وتيرة نموٍ سريعة للغاية، فاقت نسبتها 5% سنوياً خلال الفترة 2005- 2016 متجاوزةً بذلك معدل النمو السكاني ونمو إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة نفسها. وفي حال استمرار النمو على نفس الوتيرة، فسيتخطى الطلب المحلي على الطاقة 8 ملايين برميل نفط مكافئ يومياً في عام 2030م.

وحالياً، يعادل استهلاك المملكة من الطاقة نحو 35% من إجمالي الإنتاج، ويشمل ذلك النفط الخام والغاز الطبيعي ومشتقاتهما. وما يدلل على ضخامة الاستهلاك المحلي مقارنة بالمؤشرات المعتبرة عالمياً، فقد بلغ نمو كثافة استهلاك الطاقة على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية 0.8% سنوياً، مقارنة بانخفاض في أغلب دول العالم، بما في ذلك الدول النامية، وبهذا المستوى تحتل المملكة المرتبة الثانية في كثافة الطاقة على مستوى دول العشرين (G20).

وتعدكثافة استهلاك الطاقة المقياس العالمي لمستوى إنتاجية الطاقة في بلدٍ أو قطاعٍ معين، وتمثل الطاقة المستهلكة لكل ألف دولار من الناتج المحلي الإجمالي، وكلما ارتفعت كثافة استهلاك الطاقة كانت دليلاً على انخفاض إنتاجية الطاقة.

ومن جهة أخرى، فإن نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في المملكة يبلغ حالياً 55 برميل نفط مكافئ سنوياً، ويعد من بين أعلى المعدلات في العالم، إذ يبلغ ضعف استهلاك الفرد في دول صناعية مثل ألمانيا وفرنسا واليابان. والأهم من ذلك هو أن استهلاك الفرد في المملكة مستمر في الارتفاع بمعدل 2%، أي ضعف المعدل العالمي البالغ 1%.

وفيما يتصل باستهلاك منتجات مثل البنزين، فيبلغ استهلاك المملكة السنوي منه 90 مليون لتر يومياً، وبذلك تحتل المملكة المرتبة الرابعة عالميًا من حيث معدل استهلاك الفرد بعد الولايات المتحدة وكندا والكويت، حيث يبلغ استهلاك البنزين للفرد في المملكة 1037 لتر سنوياً. وقد نما بشكل متسارع تخطى 2.7% سنوياً منذ العام 2000.

وبالنسبة للمركبة الواحدة، يبلغ استهلاك البنزين في المملكة 2,755 لتر سنوياً، بما يفوق استهلاك المركبة في الولايات المتحدة وكندا بأكثر من 20%، وأكثر من ثلاث أضعاف استهلاك المركبة الواحدة في ألمانيا.

عند المقارنة بالدول عالية الاستهلاك، مثل كندا والولايات المتحدة الأمريكية، نجد أن معدل نمو الطلب فيها أقل بكثير من معدل النمو في المملكة، ففي الوقت الذي بلغ فيه معدل نمو الطلب على البنزين في المملكة 5.3% سنوياً، كان معدل النمو في كندا 1.3% وفي الولايات المتحدة 0.6%، في حين انخفض استهلاك البنزين في دول أخرى مثل ألمانيا وفرنسا، كما أن الاتجاه العالمي واضح في الانحياز نحو المركبات عالية الكفاءة في استخدام الوقود وغير الملوثة للبيئة.

استهلاك الكهرباء

وفيما يتصل باستهلاك الكهرباء، يستهلك القطاع السكني 50% من الكهرباء، والصناعي 18%، والتجاري 17%، والحكومي 13% والزراعي 2%. وقد نما استهلاك الفرد في المملكة بوتيرة متسارعة بلغت 4% تقريباً منذ عام 2000م.

ورغم تغيير الشريحة الأولى إلى 0.18 ريال لكل كيلو واط ساعة، تبقى تعريفة الشريحة الأولى لاستهلاك الكهرباء في القطاع السكني (6000 كيلو واط ساعة فأقل) منخفضة مقارنة بالدول الأخرى، بغض النظر عن التحويل النقدي من حساب المواطن لمستحقيه وفقاً للمعايير المتبعة.

ووفقاً للاستهلاك المنزلي، تصنف المملكة ضمن الدول الخمسة الأكثر استهلاكاً للطاقة، حيث يبلغ معدل استهلاك الكهرباء للمنزل 24,400 كيلوواط ساعة سنوياً في المملكة، وعلى الرغم أن الأحوال الجوية هي أهم أسباب ارتفاع الاستهلاك، إلا أن هناك عوامل تؤدي لتضخم الاستهلاك بشكل كبير، مثل غياب العزل الحراري عن 70% من المباني، واستخدام المصابيح غير الموفرة للطاقة، وترك الإضاءة وأجهزة التكييف تعمل عند ترك المنزل، وطلب درجات تبريد منخفضة. ولابد هنا من التنويه إلى أن أجهزة التكييف في المملكة تستأثر بما يزيد عن 65% من استهلاك الطاقة الكهربائية في المباني، فيما تستهلك الإضاءة ما يقارب 8%، وتستهلك سخانات المياه حوالي 6%، بينما تستهلك الأجهزة البيضاء (الغسالات، والثلاجات، والمجمدات، وجلايات الصحون، إلخ) بحوالي 14%.

ونظراً للاستهلاك الكبير للتكييف، تتضح أهمية اختيار أجهزة التكييف الموفرة للطاقة واستخدام العزل الحراري في المباني. وقد أدى الارتفاع المتسارع في استهلاك الكهرباء إلى استخدام ما يقارب 160 مليون برميل من النفط الخام سنوياً في انتاج الكهرباء محلياً.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك عدد من المبادرات الحكومية لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، منها:

تم رفع كفاءة إنتاج الكهرباء من 28% في عام 2005م إلى 36% في عام 2016م، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 1% خلال نفس الفترة. كما أننا نسعى للارتقاء بها إلى أكثر من 40% خلال السنوات القادمة لمواكبة المعايير العالمية والحفاظ على الموارد المحلية، ولن يتم تحميل المواطن (أو أي من المشتركين الآخرين) عبء تكاليف انخفاض كفاءة إنتاج الكهرباء، حيث تم احتساب التعريفة بناءً على كفاءة الإنتاج المثالية.

تسعى المملكة إلى إنشاء عددٍ من المشاريع لاستخدام مصادر الطاقة البديلة لإنتاج 9.5 غيغا واط من الكهرباء بحلول عام 2023 وفقاً لما جاء في رؤية المملكة 2030، لخفض استخدام النفط الخام في إنتاج الكهرباء والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة.

المصدر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020