في كل الأزمات الاقتصادية التي مرّ بها العالم يحدث تباطؤ في النمو لجميع المناشط الاقتصادية ومنها النمو العمراني والإسكاني، وقد ينتج عن ذلك ركود ثم انكماش وفي حالات نادرة يكون هناك كساد اقتصادي.
وقد مرّت المنطقة بعدة أزمات اقتصادية ناتجة عن مشكلات سياسية أو حروب أو أزمات مالية منذ الثمانينات الميلادية وحتى يومنا هذا وجميعها تَعرّض فيها الاقتصاد إلى ركود في معظم مناشطه، وفي الغالب يكون هناك انخفاض في أسعار النفط وإيراداته والتي تشكل العصب الرئيس لدول الخليج.
في كل مرّة يكون هناك ركود اقتصادي تتوقف أو تتقلص مشروعات البنى التحتية ومشروعات الإسكان والتعليم والصحة، وقد تستمر فترة الركود لسنوات كما حدث في منتصف الثمانينات وبداية التسعينات وبداية الألفية، حتى يتعافى الاقتصاد بشكل تام ويتبعه نشاط لبقية الأعمال.
منذ بداية العام 2014 انخفضت أسعار النفط إلى أقل من نصف سعرها، وحدث معها تباطؤ وهدوء للسوق العقاري وصل إلى مرحلة الركود وتقلصت فيه الحركة العقارية، وخلال هذه الفترة لم تنفذ مشروعات إسكانية جديدة ولم يكن هناك إقبال على الاستثمار في مشروعات الإسكان.
إلا أن تحركات الدولة خلال العامين الماضيين من خلال برامج وزارة الإسكان وبما يتفق مع برنامج رؤية 2030، قد ساهمت بشكل كبير في إعادة بث الروح للسوق العقاري وتحديداً للقطاع السكني الذي يحتاج إلى مشروعات الإسكان لتحقيق الاكتفاء وزيادة نسبة التملك لدى المواطنين.
بالإضافة إلى وضع العديد من البرامج لضبط وتنظيم السوق العقاري من خلال إنشاء الهيئات العقارية وهيكلة البرامج الإسكانية تحت مظلة الوزارة والتعاون مع القطاع الخاص من خلال المطورين والممولين لإنتاج المزيد من المشروعات والقروض، وتنشيط صندوق التنمية العقاري في ضخ القروض للمتقدمين ودعم برامج الإسكان بالتعاون مع البنوك وشركات التمويل، وفي نفس المسار تم تفعيل دور الوزارة الرقابي وفرض المزيد من التشريعات والتنظيمات التي تضمن حسن سير عمل السوق.
مؤخرا الوزارة أعلنت أسماء أكثر من 200 ألف مواطن يمكنهم الاستفادة من الخيارات المتنوعة التي يوفرها برنامج سكني لعام 2019، والتي تتيح الوحدات السكنية الجاهزة والوحدات تحت الإنشاء بالشراكة مع المطورين العقاريين والأراضي المجانية والقروض العقارية المدعومة للاستفادة من شراء الوحدات الجاهزة من السوق، والبناء الذاتي لمن يملك الأرض، وتمويل القرض القائم، وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها أسماء المستحقين خلال العام دفعة واحدة، وخلال العامين الماضيين أتاحت الوزارة خيارات سكنية وتمويلية متنوعة لعدد تجاوز 583 ألف مواطن في مختلف المناطق.
وإذا استمر هذا النهج فسيكون حل الأزمة قريباً وستكون الخيارات متنوعة والأسعار ضمن حدود القدرة الشرائية للمواطن بعيداً عن التضخيم والمضاربات، وهذه البرامج ساهمت في استقرار أسعار السوق العقاري ومنحته دفعة معنوية عالية وأوقفت المضاربة والاحتكار.