مازالت مشكلة الابتكار الخلاق أحد عوائق التنمية في معظم مشروعات القطاع الخاص والقطاع العام الاستثماري، وتحديداً في تطوير المشروعات العقارية وأهمها قطاع الإسكان الذي مازال يعاني من هشاشة في تقديم المنتجات السكنية ذات الطلب العالي والتي تتواءم مع مختلف الشرائح وحسب قدراتهم الشرائية وإمكاناتهم المادية.
نظرة سريعة على مبادرات التطوير العقاري السكني نجد أن معظمها لا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية من ناحية الموقع والسعر والمساحة وطبيعة الخدمات المقدمة سواء البنى التحتية أو الخدمات العامة.
السيولة متوفرة ورؤوس الأموال موجودة وغير مستغلة ولا يستفيد منها سوى البنوك أو من يحصل على فوائد، نحتاج مليون وحدة سكنية جديدة خلال العشر سنوات القادمة فمن سيقدمها؟ معظمها عن طريق القطاع الخاص وغالبية ما تم تنفيذه مجرد مبانٍ سكنية صامتة وبأسعار مرتفعة وبخدمات وجودة متوسطة.
ما العائق؟ العائق أن معظم شركات التطوير والمستثمرين وملاك الأراضي يكون هدفهم الربح والحصول على أعلى عائد والخروج بأكبر حصة من الربح سواء مالك الأرض أو المطور أو المستثمر! ويضاف عليها رغبة كل واحد أن يكون صاحب اليد العليا في المشروع والمتفرد بالقرار.
العملية ليست معقدة كما نراها فالأراضي الخام وفيرة داخل المدن وفي أطرافها، المهم في حجم التنازلات التي يقدمها مالك الأرض من حيث السعر لتكون الركيزة الأولى، ثانياً، المستثمر أو الممول يجب أن يكون مرناً ويقبل بربح وعائد معقول ويكون على المدى الطويل وليس بهدف الربح السريع، وثالثاً، المطور الذي يجب أن يكون مبتكراً ويقدم أفكاراً خلاقة لمشروعات سكنية مميزة تواكب حاجة السوق وتقديم أحياء سكنية متكاملة الخدمات والاعتماد على مقاولين أكفاء وليس بنظام الباطن والمقاول الرخيص واختيار المواد ذات الجودة العالية حتى عن طريق الاستيراد.
والسؤال.. هل يمكن تقديم منتج سكني بمساحة 250 إلى 350 متراً مربعاً بسعر لا يتجاوز 500 ألف ريال ويكون في حي متكامل الخدمات؟ الإجابة نعم إذا توفرت الشروط المذكورة، وهناك جهات كثيرة مستثمرة لديها رغبة للدخول في مثل هذه المشروعات أو الاستحواذ على جزء منها والتي تخدم توجهات الدولة ورؤيتها وتكون ذات عائد مقبول، مثل صندوق الاستثمارات العامة والتأمينات والتقاعد والأوقاف والبنوك والشركات المالية، شريطة أن يكون المشروع مبتكراً وجاذباً ومتكاملاً ويخدم ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة.