تعطل نظام إيجار وعوامل نجاح الأنظمة الإلكترونية

منذ ما يزيد على أربعة أعوام، أعلنت وزارة الإسكان نظام إيجار كمنصة إلكترونية، تهدف إلى حل كثير من المشكلات المتعلقة بتأجير العقارات في المملكة، كما تنظم السوق العقارية في هذا الجانب، من حيث قدرتها على ربط جميع مكاتب العقارات في المملكة بعقد موحد، وتتم متابعة حركة السكن وعدد المساكن والوحدات وتوزيعها وحركة الأسعار وتحليل أسبابها، وللحقيقة فإن هذا المشروع مهم إلى حد بعيد، وبغض النظر عن التنظيم نفسه، فإن توفير معلومات بهذه الأهمية سيدعم متخذ القرار في المملكة بشكل غير مسبوق، ولهذا فإن الجميع قد تفاءل خيرا بهذا النظام، وكنا على موعد لإطلاقه قريبا، ولكن حتى الآن، وبعد مضي كل هذه السنوات، لا يزال النظام خارج الخدمة، والأسباب غير معروفة.

من يراجع الموقع الإلكتروني لنظام إيجار، الذي أطلقته الوزارة يجد أن النظام مر بعدد من المراحل، وهي تطوير مركز الاتصال والموقع الإلكتروني، ثم مرحلة تحديد متطلبات الانضمام والمنشآت، ثم مرحلة إبرام اتفاقية وساطة وتسجيل الوحدات العقارية على النظام، ثم أخيرا مرحلة إبرام العقود الإيجارية، وقد اتضح أن جميع هذه المراحل قد انتهت ما عدا مرحلة إبرام العقود الإيجارية، وهذا معناه أن النظام الآن من جميع النواحي مكتمل، ولكن المكاتب العقارية لم تقم بما يجب عليها من البدء في استخدام النظام، ونرى أن هذه الخطوة هي أصل البرنامج، وهي هدفه الأساس، فإذا لم تلتزم المؤسسات العقارية بالنظام، فإن المشروع كله في مهب الريح، ومن يستخدم خدمات المؤسسات العقارية يدرك أن هذه المؤسسات لم تستخدم النظام، بل إن بعضهم غير مدرك لوجود النظام نفسه بعد، وهذا يضع مزيدا من علامات الاستفهام حول نظام إيجار ومدى مصداقية العمل به.
من يعمل في تطوير الأنظمة الإلكترونية والبرامج يعرف أن هناك عوامل عدة تجعل البرنامج الإلكتروني قابلا للاستخدام أم لا. ومن بين تلك العوامل سهولة الاستخدام، وإذا كان الجميع على إدراك بأهمية المعلومات التي سيوفرها نظام إيجار، ولكن يجب أن يكون الجميع قادرا على استخدامه بشكل مبسط وسهل، ومن الواضح في المراحل التي أشير إليها لتطوير النظام، أن دوره هنا عقود يتم إبرامها بين المؤسسات وبين وزارة الإسكان حول استخدام النظام، ومن المعروف أن إبرام العقود في أي منظومة عمل هو أصعب المراحل، فإذا تم إنجاز هذه المرحلة كما هو واضح في موقع الوزارة، فلا يبقى سوى إبرام العقود، فمن الواضح أن النظام غير سهل الاستخدام، ولهذا بدا للمراقبين وكأنه تعطل، أو أنه تعطل فعلا. وعلى كل حال فمن الواضح أن النظام يواجه مشكلة في سهولة الاستخدام، وبهذا فإن قدرته على تحقيق أهدافه ستكون محل شك.

من العوامل الأخرى مستوى المهارة المطلوبة للنظام أو المعرفة، بمعنى استخدام الحاسب الآلي بشكل عام، واستخدام النظام نفسه بشكل خاص، فهل هذه المعرفة متوافرة لجميع مستخدمي النظام، خاصة أن المؤسسات العقارية غير جاذبة لفئة الشباب بشكل خاص؟ ومن يعمل في كثير من المؤسسات العقارية التي تعتمد في دخلها على عقود الإيجار هم في الغالب من فئة المتقاعدين، فهل النظام عند مستوى معرفي متناسب مع هذه الفئة، أم أنه يعتمد على برمجة متقدمة، تحتاج إلى دورات تدريبية خاصة؟، وإذا كان يحتاج إلى دورات تدريبية متقدمة فمن يقوم بها؟ وأين؟ وكيف؟ ومن سيدفع في مقابل هذا التدريب؟ وهل هناك مثل هذا النوع من التدريب المستمر بحيث يتحقق لمن يلتحق حديثا بهذه المهنة أن يستطيع الوصول إلى منصات التدريب في الوقت المناسب، بحيث لما يتسبب في تعطيل العمل وتأخير العقود ومن ثم توفير السكن.

من الموضوعات المهمة التي يجب إدراكها، أن النظام مبني على مفهوم العقد الموحد، بينما الجميع يدرك أن السوق العقارية في المملكة واسعة ومتنوعة، وهناك احتياجات مختلفة، فمن المهم أن تكون هناك عقود موحدة ومرنة في الوقت نفسه، بحيث تقبل الاختلافات المعقولة في العقود، وتحفظ حقوق جميع الأطراف المعنية بالعقد للإيجار السكني.

المصدر