الاقسام: عقار

تضخم العقار يبدد الآمال

سعود بن هاشم جليدان

تشهد سوق العقار حالة من الترقب بعد موجة تضخم لأسعارها دامت لعدة سنوات. وقاد تضخم أسعار العقار خلال السنوات الماضية إلى آثار سلبية على الاقتصاد والمجتمع وفاقم الظروف المعيشية لكثير من السكان وصعب تكاليف الحياة عليهم. وقد عبر بعض القراء عن حنقهم وامتعاضهم من المقالة ومن الارتفاع الحاد في أسعار العقارات خلال السنوات القليلة الماضية وتضرر الشرائح السكانية الأقل دخلا من تضخم أسعار العقارات. وتعاني نسبة لا يستهان بها من سكان المملكة الفقر العقاري أو عدم ملكية مساكن أو عقارات تؤويهم. ويذكر آخر إحصاء للسكان والمساكن أجرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات قبل نحو أربع سنوات أن نحو 60 في المائة من الأسر السعودية تعيش في مساكن مملوكة بينما يقطن نحو 35 في المائة من الأسر السعودية في مساكن مستأجرة، ويعيش نحو 5 في المائة في مساكن مقدمة من صاحب العمل أو أخرى. ولا يورد الإحصاء خصائص الأسر المستأجرة ولكنها ستكون في العادة أسرا منخفضة الدخل أو فقيرة أو شابة وفي مدن ترتفع فيها أسعار العقارات. ويتوقع كثيرون ارتفاع نسب الأسر المستأجرة مع تصاعد أسعار العقار خلال الفترة الماضية.

وقد عانت الأسر المستأجرة بلا شك الارتفاعات الكبيرة في الإيجارات التي جاءت كنتيجة لارتفاع الطلب على العقارات التي تصاعدت أسعارها بقوة خلال السنوات القليلة الماضية. وارتفعت تكاليف الإيجارات بنسب تفوق كثيرا الزيادات في دخول الأسر المستأجرة محدودة الدخل. فقد زادت إيجارات الشقق مثلا بأكثر من 100 في المائة في معظم مدن المملكة خلال السنوات السبع الماضية، بينما ارتفعت الرواتب الحكومية بنحو 30 في المائة. وأدى تزايد الإيجارات بنسب تفوق نمو الدخل إلى تراجع حقيقي في دخول الأسر المستأجرة وإلى رفع معاناة أفرادها ومصاعب الحياة التي تواجهها. إضافة إلى ذلك رفع تضخم أسعار الأراضي ومواد البناء وأجور العمالة تكاليف إنشاء المساكن. وقد سحق هذا بدوره قدرة كثير من الأسر المستأجرة على تملك مساكنها وخفض نظرتها الإيجابية للمستقبل. ومن المؤكد أن نسبة كبيرة – بل الأغلبية الساحقة – من الأسر المستأجرة تستحق الدعم الحكومي، وهي الأولى في برامج تملك المساكن العامة والإقراض السكني. ولن يمكن تراجع أسعار العقار بنسب 10 في المائة أو 20 في المائة أو حتى 30 في المائة معظم الأسر المستأجرة من تملك منازلها، ولهذا لا بد من تدخل الدولة لتوفير مساكن للفئات الأكثر احتياجا من المستأجرين.

وقد ولدت المبادرة الكريمة بإنشاء نصف مليون مسكن في عام 2011م آمالا كبيرة لدى فئة كبيرة من المستأجرين بقرب تحولهم إلى ملاك للمساكن. وقد مضت نحو أربع سنوات منذ المبادرة ولم يتم تسليم أي وحدات سكنية حتى الآن. ويبدو أن البيروقراطية الحكومية التي تسير بسرعات قد تقل في بعض الأحيان عن سرعة السلحفاة ستأخذ وقتا طويلا لإنجاز مشاريع تعمير نصف مليون وحدة سكنية. وقد ازداد الطلب على المساكن بأكثر من نصف مليون وحدة خلال الأربع سنوات الماضية وهو ما يفوق عدد الوحدات الجاري والمزمع إنشاؤها. وسيسهم إنجاز مشاريع الإسكان وسرعة تنفيذها في التصدي لأزمة السكن التي تواجهها الأسر محدودة الدخل، وذلك في حالة دقة استهداف الشرائح السكانية الأكثر استحقاقا.

ويحد ارتفاع تكاليف الإيجارات من قدرة الكثير من الشباب على الاستقرار وتكوين أسر. ويمثل الشباب وصغار السن أكثر من نصف السكان السعوديين، وسيسعى هؤلاء إلى تكوين أسر خلال الأعوام المقبلة. وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من مليون أسرة سعودية مستأجرة في عام 2010م، ومن المتوقع تضاعف عدد الأسر المستأجرة خلال فترة وجيزة بسبب ارتفاع نسبة الشباب بين السكان، ولهذا ترتفع الحاجة إلى توفير مساكن اقتصادية لإيواء الأسر الأكثر احتياجا ومساعدة الشباب على تكوين أسر ومساعدتهم لتحقيق النجاح في حياتهم. ولا أعتقد أن نصف مليون وحدة سكنية ستكون كافية لمواجهة طلب الفئات الأقل دخلا والشباب خلال السنوات المقبلة، وستكون هناك حاجة إلى زيادة عدد الوحدات السكنية المزمع إنشاؤها من قبل الحكومة خلال السنوات المقبلة. ويتطلب تحديد عدد الوحدات التي ينبغي إنشاؤها وسرعة تنفيذها دراسات مفصلة من جهات مختصة.

إن هناك الكثير من الآثار السلبية للتضخم الكبير في أسعار العقارات ولعل أبرزها تراجع مستويات العدالة في توزيع الثروات والدخول. حيث يؤدي تضخم أسعار العقارات إلى تضخم ثروات ملاك العقارات كما يضخم ارتفاع تكاليف الإيجارات السكنية والتجارية من دخولهم. وتقود هذه الزيادات إلى ارتفاع معدلات التضخم ورفع تكاليف سائر السلع والخدمات بسبب تكوين الإيجارات العقارية نسبة كبيرة من تكاليف إنتاج السلع والخدمات. ويعتبر ارتفاع تكاليف الإيجارات وتكاليف العقارات المسبب الرئيس لارتفاع تكاليف المعيشة في المملكة ودول الخليج بشكل عام. ويقود ارتفاع تكاليف الإيجارات التجارية المبالغ فيه إلى زيادة تكاليف المشاريع الجديدة والقائمة، ما يحد من الاستثمار ويخفض معدلات توليد الوظائف. إن التقلبات الحادة في أسعار العقارات تقود إلى آثار سلبية واسعة على الاقتصاد والمجتمع، ولهذا ترتفع ضرورة التدخل الحكومي في دعم قدرة محدودي الدخل والفقراء والشباب على تملك مساكنهم. ويتوقع سكان دول الخليج دعما قويا من الحكومات في هذا المجال لما حبا الله هذه المنطقة من ثروات طائلة وسهلة لم يسبق لأمة من الأمم أن حظيت بها.

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020