عقار

بدر المصيبيح: حضرة العقار المبجل … والأنشطة التجارية

بدر المصيبيح

بعد المرور على موضوع أزمة الإسكان في المقال السابق ، والحديث عن القطاع العقاري وحصر مكوناته التي تم العمل على حل أغلب مشاكلها ، واتفقنا على أن تضخم أسعار الأمتار هو أمر جوهري وأساسي في الأزمة الحالية ، والتي تستطيع وزارة الإسكان التعامل مع هذا الأمر بما تمتلك من تفويض من مجلس الوزراء لتطبيق وتحصيل رسوم الأراضي البيضاء ، والتي اعتقد أنه أصبح لزاماً أن تدخل المرحلة الثانية من اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء ، والتي مازالت تقاوم تطبيق تلك اللائحة لأسباب غير معلومة.

اليوم نركز الحديث عن سبب آخر يجعل القطاع العقاري يقف عائقا أمام الحركة الإقتصادية للوطن ، فعند الحديث عن الأنشطة التجارية بكل أشكالها وجميع قطاعاتها نجد أن تضخم الأسعار أيضا يقف حائلا أمام دعم الدائرة التجارية والإقتصادية للوطن ،  بالوضع الحالي لأسعار العقار الغير معيرة أو موزونة نجد أن المؤسسات والشركات التجارية سواء الكبرى منها أو المتوسطة والصغيرة تنفق جزء كبير من رؤوس أموالها في العقارات التي تمارس أنشطتها التجارية عليها سواءً بالتملك أو بالإيجار ، فأصبح جزء كبير من رأس المال العامل يذهب في تملك العقارات والإيجارات المضخمة عالية السعر ، الأمر الذي يؤثر على الأنشطة التجارية بشكل سلبي ويمنعها من القدرة على إكمال مسيرة الأعمال خصوصا في الظروف الحالية للوطن التي انحسرت فيها الكثير من القدرة المالية لمكون الإستهلاك ، وأصبحت عملية الإنتاج مكلفة ومرهقة على الأنشطة التجارية.

عندما نتحدث عن رؤية المملكة 2030 ، فأننا نعرف أن مشاركة القطاع الخاص أمر جوهري لإنجاح رؤية المملكة 2030 والتي تحتاج أن تضخ الأموال في العملية الإنتاجية بشكل أساسي، والعملية الإنتاجية تساهم في خلق الأعمال والوظائف والمنتجات والخدمات ، والتي تؤمن استدامة الأعمال وزيادة الخبرات المهنية والتجارية في الدائرة التجارية للوطن ، ولكن للأسف مايحدث اليوم غير ذلك ، حيث تذهب أغلب الأموال في الإيجارات التي لا يخفى على أحد أنها تضخمت بلا سبب واضح أو معيار منهجي حقيقي إنما لإشباع رغبات “landlord” المالك.

لا شك أن استمرار الفكر الإقطاعي في زمن التحول الذي نعيشة اليوم ليس في مصلحة أحد ، حيث أصبحت الثروة تنعزل شيئاً فشيئاً عن الحراك الإنتاجي  للوطن ، وأصبحت الثروات تغرق في مكونات غير إنتاجية ولا تعزز الدائرة التجارية والاقتصادية للوطن ، وأصبحت ثروة الدائرة الإقتصادية للوطن تقل وتنحسر أكثر فأكثر ، الأمر الذي سوف يجعلنا نستمر في إعتمادنا على النفط أكثر من أي وقت مضى ، وهذا المصير يعاكس أهداف رؤية المملكة 2030 بشكل صريح.

جميع الجهات الحكومية المعنية في مشاريع الخصخصة وتطوير المنتجات والخدمات تخطط وتعمل على انتشار رقعة الإنتاج ، وأغلب المشاريع المطروحة تحتاج أن تتمدد في كل أنحاء الوطن أي أنها تحتاج أراضي وعقارات تقدم من خلالها خدماتها ومنتجاتها ، ومع ضعف التدفق المالي الحالي سواءً من جانب القطاع العام أو من القطاع الخاص يتبين جليا أن أسعار العقارات المتضخمة سوف تكون العائق الأكبر أمام عملية الإنتشار والتوسع.

ربما يدافع الفكر الإقطاعي عن الأسعار الحالية بمنطق أن تلك العقارات و الأراضي تعتبر أصول عينية باقية في السجلات المالية ، وحافظة للثروة ، لكن هذا غير حقيقي إذا ماوضعت المعادلة أمام النقد الحاضر الذي أصبح أقل قوة من أن يوازن الأصول الحالية أو المستقبلية ، كما أن تلك الأصول أغلبها أصول جامدة غير مدرة للدخل وحتى المنتج للدخل منها أصبح أقل قيمة من حيث تحقيق الأهداف الإستراتيجية لرؤية المملكة 2030 أو حتى لبرنامج التحول الوطني 2020 ، فالبرامج والمبادرات تعمل لتوجيه الثروات نحو القوى العاملة والخدمات التعليمية المعرفية والمنتجات والخدمات المعرفية الصحية ، وخدمات ومنتجات المعلومات والإتصالات ، وحتى المنتجات الصناعية تحتاج أن تسخر الأموال في العملية الإنتاجية وزيادة المخزون المحقق لأهداف الإكتفاء الذاتي واستبدال المنتجات المستوردة بمنتجات محلية الصنع بمعايير جودة تنافسية ، كل تلك المكونات تحتاج توجيه الثروة لها ليس لاي مكان آخر ، خصوصا إذا وجهت الثروات نحو المساحات المترية بأسعار متضخمة تضعف العملية الإنتاجية.

وهذا سبب تجاري آخر يجعل حضرة العقار المبجل المتضخم أحد أهم العوائق أمام رؤية المملكة 2030.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 9 مارس 2017 8:28 ص

نشر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020