الاقسام: عقار

الوجه الجديد للأراضي البيضاء في السعودية

جمال بنون

السؤال المهم الذي يتم تداوله حالياً في أوساط العقاريين والمطورين، وأيضاً أصحاب الأراضي البيضاء الواقعة داخل النطاق العمراني في المدن السعودية، هو أن لائحة رسوم الأراضي التي تعمل عليها وزارة الإسكان وستصدر خلال الأسابيع المقبلة، كيف سيكون شكلها وكيف ستحسب الرسوم؟ وهل هناك استثناءات؟

أسئلة عدة تدور في أذهان المهتمين بالعقار في السعودية، وحتى تستمع وزارة الإسكان إلى كل الآراء، عقدت ورش عمل الأسابيع الماضية جمعت المختصين والعاملين في العقار، وعدداً من الإعلاميين والكتاب الاقتصاديين، بهدف الإسهام في إخراج لائحة تحقق الهدف من إقرار النظام، خصوصاًً أنه نظام جديد سيتعامل معه السعوديون.

بالتأكيد إقرار فرض الرسوم جاء بعد جدل واسع في أوساط المجتمع، وبخاصة بعد أن برزت مشكلة شح الأراضي المتعلقة بالإسكان وتعثر المشاريع، وتتحمل مسؤولية هذا العبث بالأراضي البلديات التي فرطت في المتابعة وتطبيق القوانين، وأسهمت في منح أراضي المرافق والخدمات الحكومية ضمن المنح، وتحويلها إلى أراض سكنية لبعض المتنفذين، وأهملت مخططات وأسهمت في إهمال الأراضي الموجودة في بعض الأحياء، ولم تسمح لها بالبناء بحسب زعمها أنها تقع ضمن الأحياء المهملة أو العشوائية، ولهذا تحولت هذه الأراضي إلى خالية، وفي المقابل، قامت مخططات غير مرخصة من الجهات الحكومية، بعضها سكن، والكثير استفاد من انخفاض أسعار هذه الأراضي، كونها من غير صكوك، وبنى أحواشاً ومستودعات، وأمام هذه المشكلة واجهت المؤسسات الحكومية ندرة الأراضي لبناء مرافقها من مدارس ومبانٍ لإدارات حكومية، وانتعش سوق المباني المستأجرة بشكل لافت، وارتفعت الأسعار لأرقام خيالية، حتى إن قيمة الأرض وصل أضعاف قيمة البناء، وهذا ما جعل الجهات المعنية إلى التدخل لوضع حد لهذه الأراضي البيضاء غير المستغلة. وتحويلها من المضاربات العقارية إلى الاستثمار العقاري والاستفادة منها، وأيضاً كسر الاحتكار وتشويه المنظر العام، وهو قانون مطبق في معظم الدول.

في ورشة العمل التي عقدت في جدة، برزت العديد من التساؤلات، لعل من أهمها: من سيدفع رسوم التقويم المالك أم وزارة الإسكان، وهل سيتم تقويم سعر الأرض سنوياً أم أن الرسوم ستكون ثابتة، ومن بين المطالبات أيضاً أن يتم رفع الرسوم على أصحاب الأراضي ذات المساحات الكبيرة، من المناقشات التي تمت، سأل أحد العقاريين ما هي رد فعل السوق حينما يطبق النظام؟ وهذا تساؤل مهم، فيما طالب بعضهم أهمية تأهيل المطورين العقاريين وحصر الأراضي البيضاء، وما هي انعكاسات فرض الرسوم من إيجابيات وسلبيات، الأسئلة والنقاشات التي تمت خلال ورشة العمل، على رغم أنها كانت تجميع للأفكار والتساؤلات إلا أنها فتحت باباً أمام وزارة الإسكان لمعالجتها والبحث عن مخرج، ومن بين الأسئلة التي طرحت هل القرار سينفذ في جميع المدن أم سيقتصر على مدن ومناطق محددة.

الموضوع تطرق إلى الصعوبات والمعوقات التي يواجهها المطورون العقاريون مع الأمانات والبلديات والكهرباء، وأيضاً مع كتابات العدل حيث يتأخر إنهاء المعاملات ويتسبب في إلحاق الضرر بالمطورين، ويقول أحد الحاضرين إن المطورين بحاجة إلى محفزات، ونتيجة هذا التأخير يكون المطور هو الضحية بين المالك والمستثمر وأفرزت هذه المشكلة ظهور ما يسمى الصكوك السوداء والبيضاء، من النقاط المهمة التي طرحت ماهو مصير سوق العمالة في مجال المقاولات بعد فرض الرسوم، وهل ستساعد في أسعار أجور العمالة.

المشاركون في ورشة العمل تناولوا موضوع أهمية أن تكون الأرض التي سيتم فرض الرسوم عليها، قد دخلها الكهرباء وإلا كيف سيتم تقويمها، أو كيف سيتعامل معها المطور؟ وهذا يعني أن مسؤولية الكهرباء في المرحلة المقبلة مهمة جداً لإنجاح مشروع فرض الرسوم، وإلا لن يجد المشروع تجاوباً، وأن تعطى هذه الأراضي قيمة مثل الماء والكهرباء والصرف الصحي والمرافق والخدمات إذا توفرت في الأراضي التي يتم تقويمها، بالتأكيد الرسم سيكون على غير تلك الأراضي التي لا يوجد فيها خدمات أخرى. واعتبر المشاركون أن توافر الكهرباء على الأرض المطلوب دفع رسمها هو أهم مطلب ومهم ثم تأتي المرافق الأخرى بنسب متفاوتة.

قبل أسابيع تطرق ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في حديثه لصحيفة «الايكونوميست» البريطانية، إلى أن هناك 4 ملايين متر مربع من الأراضي الحكومية غير مستغلة في مكة المكرمة وحدها، كما تحدث عن أراض تتبع الدفاع الجوي في جدة مساحتها 5 ملايين متر مربع تقدر كلفة نقل البنى التحتية والمباني 300 مليون دولار، ويمكن الاستفادة منها وهي من الأصول غير المستغلة، وقدر قيمة الأرض بـ10 بلايين ريال. ويبدو أن السعودية أمام بناء ملامح جديدة لقطاع العقار وتنظيمها بعد أن عاشت فوضى لعقود طويلة، ودخلت المصلحة والمتنفذين وإهمال البلديات في خلق هذه الفوضى، وهذه الخطوة ستخفض من المضاربات في الأراضي، وتحريك قطاع مهم هو المقاولات وتحسين بيئة العقار وظهور مشاريع سكنية وخدمية بطريقة متطورة تلبي حاجة السوق، كما سيسهم في انتعاش البنوك لتمويل المشاريع.

بقي شيء مهم أمام الجهات الحكومية التي ستشرع اللائحة وتطبيق النظام ألا تجامل في فرض الرسوم ولا تتعامل بالمحسوبيات والواسطات، وتتعامل بعدالة من دون النظر إلى المالك، وما هي مكانته، وتلتقي مع الجهات الحكومية الخدمية التي تعيق إنجاز المعاملات وتسهيلها، فمن غير المعقول أن نفرض رسوماً على أراض بيضاء والمعطل الرئيس لتطويرها جهة حكومية خدمية مثل الكهرباء أو الماء وحتى المحاكم والبلديات. لتجد نفسها هذه الرسوم متوقفة من التحصيل، لأن إدارة حكومية أخرى لا تزال تفكر إن كانت ستوصل الخدمة أم لا. وبذلك نعود إلى المثل المشهور «كأنك يا بوزيد ما غزيت».

المصدر

آخر تعديل تم نشره 18 فبراير 2016 11:47 م

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020