أظهر مؤشر الاقتصادية العقاري حالة السوق العقارية المحلية في أسبوعها ما قبل الأخير من العام الجاري، وبجلاء استمرار حالة تراجع الأسعار في السوق العقارية بكامل قطاعاتها، حيث أظهر المؤشر انخفاض إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة 16.8 في المائة، لتستقر بنهاية الأسبوع الـ 51 عند 4.9 مليار ريال، وتكمل تحقيق إجمالي قيمة لصفقاتها عند مستوى 260.7 مليار ريال، مقارنة بنحو 348 مليار ريال خلال عام 2015.
وتتلخص أهم أسباب هذا الاتجاه الهابط في مؤشر الاقتصادية العقاري في أسباب تتعلق بحالة الاقتصاد الكلي للدولة وبعضها الآخر يتعلق باتجاهات الأفراد، ففي الحالة الكلية للاقتصاد فإن استمرار حالة القلق من أسعار النفط، وعدم وضوح اتجاهات الأسعار هناك، كما لم تتضح بعد نيّات الدول المنتجة وصدق التزاماتها بالاتفاقيات الخاصة بضبط مستويات الإنتاج، كل ذلك أوجد قلقا حول استمرار مستويات العجز في الميزانية العامة للدولة، فإمكانية الخروج من العقار والعودة إلى النقد لن تكون سهلة، وسوف تستغرق وقتا أطول مما كان يحدث سابقا، وبذلك قد تفوت فرصة تعديل المحافظ أو تغيير المواقع الاستثمارية. ومن المتوقع أن تستمر هذه الحالة من الترقب طالما لم تتضح اتجاهات السوق النفطية، هذا على الرغم من حجم الميزانية السعودية القياسي، وهذا لن يغير من الموقف الاستثماري كثيرا واحتمالات تراجع أسعار النفط لم تزل قائمة وخطط الحكومة في تقليص الاعتماد على النفط لم تزل في مهدها. ولهذا فقد ظهر أكبر الأثر في تراجع المؤشر العقاري على المستوى الاستثماري في خفض متوسط السعر السنوي للعمائر السكنية بنسبة 50.6 في المائة، وهي نسبة حادة جدا بل يمكن تصنيفها بالانهيار، وطالما أن الضبابية تعم أجواء الاقتصاد العالمي وتأثيراتها السياسية عميقة فإن هذا الوضع قد يزداد سوءا، وقد تحدث تغيرات هيكلية في القطاع العقاري عند هذا المستوى.
بقي قطاع الشقق السكنية، وقد أظهر مؤشر “الاقتصادية” أن قطاع الشقق السكنية كان الأقل تأثرا، حيث أظهر ترجعا بمعدل قريب من 5 في المائة فقط، وعلى الرغم من أن هذا القطاع كحال بقية القطاعات يتأثر بما تأثرت به من عوامل تتعلق بالسيولة العامة أو بما يتعلق بالقلق العام أو بما له علاقة بسياسات الإقراض. ولكن من المهم التنبه لعدة قضايا، لعل أولها القوة الشرائية الأساسية التي تأتي من قطاع الشباب، التي لم تزل تتنامى، أيضا سياسة الإقراض الحكومية أو البنكية تتناسب مع الأسعار السائدة في هذا القطاع، ولهذا على الرغم من تراجع مستويات السيولة العامة إلا أنها قد تكون قليلة التأثير عند مستوى أسعار الشقق السكنية.
يبقى تراجع الأسعار هو الملاحظة العامة في السوق العقارية، على الرغم من تفاوت في بنية وأسباب التراجع عند كل مكون من مكونات السوق، ولم تعد السوق محفزة للاستثمار قصير الأجل لضبابية عامة تلف السوق خاصة مستويات السيولة، وقد لا تنقشع هذه الضبابية إلا بعد حدوث تغيرات عميقة في تفضيلات المستهلكين ونوعيتهم.