لم يكن قرار تحويل صندوق التنمية العقارية إلى مؤسسة تمويل عقاري قرارا مفاجئا فهو مطلب قديم لطالما سبقته مطالبات كثيرة بضرورة تطوير «الصندوق».
كان أهمها توصيات لجنة الشؤون المالية بمجلس الشورى بشأن التقرير السنوي لصندوق التنمية العقارية للعام المالي ١٤٣٤/١٤٣٥ه؛ التي طالبت بسرعة تطوير نظام صندوق التنمية العقارية ليصبح مؤسسة تمويلية قادرة على تقديم الأدوات المالية التي تلبي احتياجات المواطن بصيغة أكثر مرونة وحداثة.
وكانت التوصيات حينها قد تضمنت سرعة سداد وزارة المالية مبلغ ثمانية وثلاثين ملياراً وتسع مئة وثلاثة وثمانين مليون ريال يمثل الفرق بين رأس المال المصرح به والمدفوع لصندوق التنمية العقارية، ووضع ضوابط لإعفاء المقترضين الذين يثبت عجزهم عن سداد مستحقاتهم وتعويض الصندوق عن هذه المبالغ.
وقد برزت المشكلات التي يعاني منها نظام الصندوق وبرامجه التمويلية في أمثلة وصور عدة منها على سبيل المثال لا الحصر:
* عدم توفر فرص لمساهمة القطاع الخاص ومن ثم خلق برامج ومنتجات إسكانية تقدم حلولا واقعية لمشكلة الإسكان.
* عدم توفير برامج ادخار عقارية تمكن المواطن من الحصول على بيت العمر بمدة قياسية وبشكل أفضل.
* صعوبة دعم رأس المال بالتعاون مع القطاع الخاص أو إيجاد فرص ومشروعات مساهمة.
ومن ثم فمن المتوقع أن تصبح المؤسسة الوليدة -بإذن الله- بمثابة ذراع استثمارية للدولة للدخول في المشروعات الكبرى وزيادة رأس مالها، وأن تتمتع بدورة إدارية أكثر سهولة وإجراءات تعطي مرونة أكثر للمواطن والمستفيد منها للتعامل معها والاستفادة من برامجها.
ولعله من نافلة القول أن أشير إلى أن الثناء على القرار الجديد لا يعني التعزيز لوزير ما أو تغليب مصلحة خاصة لكنه بحق مطلب تنموي وقناعة عكستها التجربة لعدة سنوات، فغير خاف على أحد أعداد المواطنين الذين ظلوا يترقبون قرض الصندوق العقاري لسنين بلغت ١٦ سنة أو أكثر وحينما أتى قرض الصندوق وجدوا أنفسهم أمام خيارات محدودة كان أهونها عليهم البحث عن جهات ممولة أخرى للحصول على قروض إضافية لاستكمال البناء في حين لايغطي مبلغ قرض الصندوق سعر المسكن الجاهز.
كما لاحظ كثيرون تأخر تنفيذ البرامج التمويلية كالقرض المعجل والإضافي بسبب طول الإجراءات فضلا عن أن السداد وفك الرهن يحتاج إلى أمد طويل جدا.
وأخيرا لابد أن نزجي الشكر لرجالات صندوق التنمية العقاري ممن قدموا كل ما لديهم للتغلب على مشكلات الأنظمة القديمة والمعقدة فاستحقوا بذلك كل الشكر والتقدير لكن لا بد أن نعترف جميعا أن «الصندوق» مرحلة وانتهت ولنتفاءل جميعا بمستقبل واعد للمؤسسة الجديدة التي تشي فكرتها بحلحلة المشكلة الوطنية الأهم وتوفير السكن الكريم لكل من لم توفر له الدولة مسكنا.. ذلك فقط إذا جاء التطبيق على الوجه الصحيح.