الاقسام: عقار

الحكومة شريك منافس في سوق العقار

سعد الفاعور

على طريقة تصحيح السياسات النقدية، في مواجهة مخاطر التضخم والانكماش، بادرت الحكومة باتخاذ عدة تدابير وإجراءات مفصلية وثانوية، لتصحيح وضبط إيقاع مسار القطاع العقاري، الذي بدا للمراقب أنه أصبح تحت سيطرة شبه كاملة للقطاع الخاص الذي نسج علاقات متينة مع مطورين ووكلاء عقاريين سعوديين وأجانب، مستغلين القدرة الشرائية للتجار وملاك العقار الكبار على الاستئثار بشراء مساحات واسعة من الأراضي ومخططات بكاملها بأسعار تفضيلية، في ظل محدودية القدرة الشرائية للمواطن.
ومع التطورات المتسارعة لاقتصاديات الدول، وتراجع مفهوم «دولة الرعاية الاجتماعية» وغياب دور الحكومات في تحقيق إيقاع منتظم لسياسات الحماية السعرية وتوفير الآلية الذاتية لإعادة توازن النشاط الاقتصادي بطريقة التحكم بأسعار السوق بعيداً عن نظرية «العرض والطلب» وآليات الاقتصاد الحر، ومع بزوغ نجم الخصخصة ومزاحمته للحكومات وقطاعاتها التنفيذية والخدمية، أدرك صانع القرار أن ترك السوق المحلي وخاصة قطاع العقارات تحت رحمة الآلية الذاتية لإعادة التوازن، مكلفة وباهظة اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً.
انطلاقاً من هذه الحقيقة التي تسربت لدى الوعي العام وصانع القرار على حدٍّ سواء، سعت الحكومة عن طريق عديد من القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء، وكذلك من خلال الأوامر الملكية السامية، لأن تصبح شريكاً منافساً في سوق العقار إلى جانب القطاع الخاص والشركات المطورة التي استأثرت بحصة الأسد من الكعكة العقارية.
عوامل كثيرة، شهدها القطاع العقاري السعودي على مدى السنوات الثلاث والنصف الماضية، في إطار السياسة الحكومية التصحيحية أسهمت بشكل كبير في انتعاش ونمو وازدهار القطاع، وجعله أكثر قرباً من حلم المواطن بالحصول على المنزل والمأوى وفق معايير واشتراطات هندسية تراعي الجودة والسلامة، ودون تكبيد المواطن قيود المديونية والارتهان للقروض البنكية.
وعلى الرغم مما يتداوله بعضهم من أن تصحيح الخلل في السوق العقارية، لم يراوح مكانه، وأن الكرة الحكومية لا تزال في المربع الأول، إلا أن العوامل الإيجابية التصحيحية لا يمكن إنكارها، مع الإقرار بأن التركة ثقيلة، وعملية التصحيح تتطلب وقتاً طويلاً حتى تظهر نتائجها في علاج إرث كبير من الخلل وغياب التنظيم.
أبرز الإجراءات التصحيحية، التي تشبه التدخل الجراحي الدقيق تمثلت في القرار الملكي السامي بإنشاء وزارة للإسكان في شهر مارس من عام 2011، فيما اقترن الإعلان عن إنشائها بتخصيص 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة. وقد صاحب ذلك أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأن تتوقف وزارة الشؤون البلدية والقروية فوراً عن توزيع المنح البلدية التي تتم من قبل الأمانات والبلديات، بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح التي لم يستكمل إيصال جميع الخدمات والبنى التحتية إليها، ونقل جميع الأراضي الحكومية المخصصة للمشاريع الإسكانية من عهدة وزارة الشؤون البلدية والقروية، إلى الوزارة الناشئة.
تبع ذلك كثير من وسائل الضغط الحكومي لتنظيم القطاع العقاري، ووضع السياسات الكفيلة بالحد من الصعود غير المبرر لأسعار الأراضي، الذي انعكس على أسعار الوحدات السكنية، وفاقم مشكلة المواطن في الحصول على بيت ملائم. وكان من أبرز تلك الإجراءات التنظيمية وضع اليد الحكومية على ما يسمّى الأراضي البيضاء، واستعادة مساحات شاسعة استولى عليها بعض المتنفذين بطرق ملتوية وبصكوك مزورة، حيث ألغت وزارة العدل صكوك مُلكية تبلغ مساحتها الإجمالية 110 ملايين متر مربع في كل من الرياض وجدة ومكة المكرمة، تبلغ قيمتها 80 مليار ريال، وفقاً لتقارير إخبارية في الـ 20 من أكتوبر الماضي.
رافق ذلك إعلان وزارة الإسكان في الـ 30 من أكتوبر الماضي أيضاً عن توفير أكثر من 300 ألف منتج سكني بمعايير ومواصفات مختلفة وفي كافة مناطق المملكة. وهي إجراءات تسببت بخفض أسعار القيمة العامة للعقارات بنحو 10%، وفق تقديرات خبراء في السوق.
وتحقيقاً لراحة المواطن وضمان رفاهيته بالدرجة الأولى، أقرّت وزارة الإسكان آلية توزيع الأراضي والمساكن، عن طريق 4 خيارات تتمثل في: بناء الأراضي بشكل كامل وإعطائها جاهزة للمواطن، أو تطوير البنية التحتية للأراضي وتوزيعها مع القروض، أو تقديم أراض مطورة من خلال مطورين عقاريين، أو تقديم قرض لمن يمتلك الأرض من أجل البناء عليها.
هذه السياسات التنظيمية، ودخول الحكومة كمنافس وشريك للشركات العقارية والمطورة، ستقود لا محالة إلى انخفاض أسعار الأراضي والعقارات بشكل عام، وستجعل السوق أكثر ازدهاراً ونمواً لكن ضمن حجمه الطبيعي، الذي يخدم المواطن أولاً وأخيراً، كما يمنح المستثمر فرصاً ربحية واعدة.

نشر

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020