في ما تعتبره استجابة منها لما تواجهه المملكة وغيرها من دول المنطقة من تحديات، تتمثل في النمو السكاني، والتوسع العمراني السريع، والتحول في التأثيرات الاقتصادية، وتغير موارد الطاقة، إضافة إلى رغبتها في تعزيز النمو، أطلقت شركة (سابك) مبادرة أسمتها “موطن الابتكار”، تجمع فيها ما بين عناصر التسويق والابتكار والتقنية، بهدف تنمية الطلب، ودفع عملية التطوير لقطاع الصناعات التحويلية، وذلك من خلال توفير بيئة تيسر سبل التعاون بين الشركات الصناعية الرائدة، وحفزها لتحويل ما تملكه من أفكار إلى حلول ومنتجات يمكن تصنيعها محلياً، وتمنح لسابك في ذات الوقت فرص استثمار جديدة.
أول الغيث لمبادرة (سابك) تلك، هو “نموذج المنزل عالي الأداء”، الذي تم إنشاؤه في “موطن للابتكار” ونشر في وسائل الإعلام عن حصوله على شهادة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة “ليد”، من الفئة البلاتينية التي يمنحها المجلس الأميركي للأبنية الخضراء، وذلك نظراً لما تميز به إنشاء ذلك المنزل من سمات تؤهله لهذا التقدير في ريادته، من بينها قدرته على توليد نفس الكمية من الطاقة الكهربائية التي يحتاجها لفترة (12) شهراً، واحتواؤه على مجموعة من المواد والمنتجات والنظم المتاحة تجارياً، التي تسهم في الحد من استهلاك الطاقة ومياه الشرب، بنسبة لا تقل عن (40%)، مقارنة بالمنازل الأخرى في المملكة، فضلاً عن استخدام مواد تشطيب خارجي وداخلي منخفضة التكاليف في الصيانة، وخلافها من الميزات، التي يشير المختصون إلى قدرتها بالإسهام إلى حد بعيد في تعزيز الجهود لبناء منازل أكثر استدامة في المملكة ودول المنطقة، وحفز قطاع البناء والتشييد على دمج التقنيات والمواد والمنتجات والأنظمة المبتكرة التي تثبت فعاليتها في تحسين أداء المباني، لا سيما حين تثبت مثل هذه النماذج أنه بالإمكان تحقيق أعلى مستويات الأداء في قطاع البناء في بلد مثل المملكة التي تعاني أقسى الظروف المناخية في العالم.
ما قدمته لنا (سابك) عبر أول نتاج لمبادرتها الرائدة وهو “نموذج المنزل عالي الأداء” هو اسهام مشكور بمثال حي للمساكن ذات الاستدامة والتكلفة الاقتصادية في جانبها التشغيلي، لكن ماذا عن هذه التكلفة في جانبها الرأسمالي الاستثماري الذي يبدأ من الخطوة الأولى في عملية البناء والتشييد وقبله التصميم الذي يسبقه بطبيعة الحال، الذي يحتاج بالفعل بموازاة الاستدامة في التشغيل إلى ابتكار حلول ومنتجات صناعية ربما بعضها إن لم يكن معظمها مما يمكن أن توفره (سابك) من موادها الخام، للتقليل إلى حد كبير من تكلفة مواد البناء والحاجة للأيدي العاملة التي تتزايد في أسعارها يوماً بعد آخر، فضلاً عن عامل الوقت في إجمالي الانفاق على كافة مراحل بناء تلك المساكن، فهل من خطوة أخرى مكملة لمبادرة (سابك) تعطي هذا الجانب حيزاً من اهتمامها وتقدم لنا نموذج المنزل الاقتصادي في تكاليف تنفيذه وعالي الأداء في استدامة تشغيله.