الاقسام: عقار

التمويل العقاري .. بين المخاطر والفرص

فواز حمد الفواز

أي منظومة مالية معتادة تجد فيها التمويل العقاري يضاهي الصناعة المصرفية والتأمين في الحجم و الأهمية. هذا التوازن مفقود لدينا لأسباب موضوعية ولكنها حالة من عدم التوازن على أكثر من صعيد. الفرصة أن التمويل العقاري يحتاج إلى توسع وتعمق ولكنه أيضا يتضمن تغييرات مؤسساتية ومخاطر لأسباب عملية. فمثلا يبلغ حجم سوق التمويل السكني في أمريكا نحو عشرة تريليونات دولار قياسا على دخل قومي إجمالي نحو 18 تريليونا بنسبة تصل إلى 55 في المائة، بينما لدينا لا تتعدى 3 في المائة “ولكن هذا الرقم أيضا خادع لأنه في الغالب يتحدث عن التمويل العقاري التجاري، بينما أغلب التمويل العقاري يتم من خلال الصندوق العقاري”، ولذلك هناك خلط سطحي في أغلب التوصيات بسبب نقص في فهم السوق ليس من ناحية الحجم فقط ولكن أيضا بسبب الضبابية في الحالة المؤسساتية والنزعة للتقليد السطحي. ليس لدينا ما يكفي من مكونات وحدود مؤسساتية تكفل قيام سوق تمويل عقاري نشطة ومستدامة. هناك خلل بنيوي على أكثر من صعيد. السوق “مصنوع بشري” إما نهتم به ونعطيه حقه أو على الأقل لا نسعى لتعقيده (زيادة تكلفته على الجميع ــــ العامة والخاصة) دون رؤية متماسكة.

بين ثنايا هذه الاعتبارات تكمن الفرص والمخاطر، معادلة العرض والطلب على الإسكان تعاني عدم تكافؤ، فالطلب يفترض أنه في نمو لأن التركيبة السكانية في تزايد بسبب النمو الطبيعي (والمتناقص) والهجرة الاقتصادية للمملكة ” التي لا تتطلب النوعية نفسها من السكن” ولا يسمح لها بالتملك. بينما العرض يعاني وفرة وخاصة في بعض المدن الكبيرة. في ظل هذه المعادلة هناك حديث لا ينقطع عن “إشكالية” السكن. هناك طلب وهناك عرض ولكن ليس بينهما مواءمة سلسة من ناحية وليس هناك دخل كاف لإرضاء أغلب الطلب. كما أن أسعار الأراضي مرتفعة قياسا على تكلفة اقتناء المنزل “الأرض أعلى سعرا من تكلفة الإنشاء أحيانا بسبب النظر إلى الأرض كوسيلة كنز”، وأخيرا عدم انسياب وتكامل دور المطورين، وأخيرا لابد من التنويه إلى أن قطاع الإسكان غالبا ما يكون مدعوما ولكن إشكالية الدعم لدينا بالرغم من حجمه إلا أنه يميل لمصلحة القادرين أكثر بسبب ارتفاع أسعار الأراضي. هذه المنظومة مختلة ولذلك يصعب أن يخدمها سوق تمويل عقاري متجانس وفعال ومستدام.

لم أستطع الحصول على معلومات موثقة حول التوجه لتحويل الصندوق العقاري إلى مؤسسة مالية أو توقيت وحجم الرسوم على الأراضي أو حتى توصيف مالي لرفع سقف القروض وعلاقتها بحجم الراتب عدا رفع نسبة الإقراض دون توصيف مالي مقنع. كما أن هناك عدم وضوح بين دور المصارف التجارية وشركات التمويل خاصة في ظل ضغوط السيولة على المصارف. المصارف لدينا تعتمد على ودائع في غالبها قصيرة الأجل بينما القروض العقارية طويلة الأجل ولذلك هناك مخاطر من نوع آخر. حاولت توصيف الركائز التجارية التي تفتقد الكثير، ولذلك فإن المنظومة التمويلية حتى مع أحسن النيات لن تخدم القطاع بكفاءة.

ما الحل؟

أول خطوة ألا نزيد الوضع تعقيدا قبل التعامل مع الظروف الموضوعية مثل تحديد طبيعة الدعم وإعادة هيكلته ليخدم المحتاج وليس الراغب فقط. ثانيا لابد من فرض رسوم على الأراضي والعقارات التجارية “ليس لغرض الإسكان فقط”، ولا بد للرسم أن يكون بلديا معقولا ويصرف في المدينة التي يجمع منها. ثالثا اقترح أن تكون هناك مصارف عقارية في كل منطقة تبدأ “بتملك” القروض التي قدمها الصندوق العقاري على أن يكون الصندوق العقاري مصرفا مركزيا لهؤلاء من حيث التنظيم والرقابة والسيولة والاقتراض وإدارة التسنيد والضمانات الضرورية لبناء سوق تمويل وتلقي الدعم الحكومي. أخيرا لابد أن يكون الحل أصيلا وليس نقلا لتجربة أحد من خلال استشاري خارجي مكلف وبعيد عن التجربة الوطنية.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 15 مارس 2016 3:13 م

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020