قرأت عنوانا في الأسبوع الماضي غريب الصياغة، لكنه يُعلن أن هناك فجوة بين جهازين مُهّمين كل منهما يريد طمأنة المواطن على مصالحه، وأنهما حريصان كل الحرص على تحقيق رغباته، ملخص هذا العنوان، الإسكان يقول لوزارة الشؤون البلدية والقروية، أراضيكم بعيدة ولا تناسب الإسكان، وسأقف محلُّلاً للموقف الذي تعانيه وزارة الإسكان من شُحُّ الأراضي، وإنصافًا للحق سأقول، إن ما تملكه وزارة البلديات أصبح في يد الإسكان والأدلة على هذا كثيرة، وبإمكانكم فتح ملفات الأراضي لدى الوزارة لتعرفوا كم هي الكيلومترات المربعة التي عُهد بها إلى الإسكان، ولكن تقلبات السنين وتَغَّير الوزراء على الإسكان أربك إمكان الاستفادة من بعض هذه الأراضي التي جادت بها البلديات تنازلا للمواطنين، وبموجب اتفاقيات بين الوزارتين تم انتقال المنح السكنية إلى الإسكان، وهنا حُسبت على أنها أراض ولكنها تقع خارج الخدمات، وهنا أصبحت هذه الأراضي في عداد المعدومات بالنسبة لوزارة الإسكان، ولكن على مستوى المحافظات بدأنا بتوفيق من الله، نلمس أن الأراضي التي استلمتها وزارة الإسكان شُيّدت عليها مرافق للإسكان، والشواهد على هذا كثيرة في محافظات المملكة، أما فحوى العنوان الذي أطلقته وزارة الإسكان للإخوة في وزارة البلديات، فأعتقد، والله أعلم، أنه يُقصد بها المدن الرئيسية الكبرى في المملكة، وهذه مشكلة المدن في كثير من دول العالم العربي، حيث إن وسط المدينة وأطرافها أملاكا خاصة يصعب تحكم وزارة البلديات فيها، فيأتي من يريد حل مشكلة الإسكان ليفاجأ بندرة الأراضي داخل الخدمات، وسوف تستمر هذه المعاناة ما دام هناك تضخم سكاني على المدن الرئيسية وطلبات عالية على الإقراض وتحكّم أصحاب الأملاك بارتفاع أسعارها، مما يزيد الطين بلة، لكن وزارة الإسكان لن يُعجزها فتح منافذ الحل المستعصي على توفير الأراضي، ومن خلال اطلاعي المتواضع أن المنافذ متعددة، وحرص وزارة الإسكان على إيجاد الحلول سيكون قريبا بإذن الله، وقد بدأنا نلمس تباشير ذلك بتوقيع اتفاقيات متنوعة مع الشركات العالمية، والتحالف مع الشركات الوطنية والمطورين، وهذا بالتأكيد لن يحل كامل المشكلة، لكنه يسهم بدرجة كبيرة في حلها على المدى القريب، أما المتنفس الآخر وهو ما تحرص عليه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مع أمانة منطقة الرياض وبقيادة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، وهو فتح الضواحي في الشرق والشمال التي وزعت الأراضي على المواطنين خلال 30 عاما مضت، فمن الطبيعي أن يوجد الحل لمن يملك أرضا هناك، ورخصت من البلدية واُعطي الأهالي هناك فرصة الاقتراض من صندوق التنمية العقارية، وبدأت تُشاهد المباني في ضاحية الشرق، وهي بلا شك أحد حلول مشكلة الإسكان إذا تصورنا أن ما يقرب من 100 مخطط تتوزع في الضاحيتين، تعيش بدون خدمات تذكر إلا ما بدأ السكان يشاهدونه أخيرا من توقيع عقود السفلتة، الذي طمأن المواطن على جدية الهيئة العليا، وتحديدا أمانة منطقة الرياض، على الإسهام في معاناة توفير السكن لمن يملك الأرض، والمرتقب أن بقية أجهزة الدولة تسارع إلى تنفيذ ما يخصها من مشاريع في هاتين الضاحيتين، خاصة المياه والكهرباء، وهما على رأس الخدمات التي ينادي بها المواطن، ثم تتبعه بالربط بسكة القطار أو المترو الذي يخترق الرياض ليصل إلى الضاحية، وسيكون المواطن يعيش وكأنه وسط مدينة الرياض، وما أتطلع إليه أن يكون الوقت قريبا لانفراج أزمة السكن في المدن الكبرى كالرياض وجدة والدمام، وكل مسؤول بلا شك يحرص ألا يأتي التقصير من جانبه، إرضاء لله ثم خدمة لمليكه ومواطنيه، وعندها لا يلام أحد ولا يرمي كل مسؤول بالكرة على الآخر، لأن الجميع في مركب واحد، وهدفهم جميعا إسعاد المواطن بلا شك.
5 أبريل 2016