الاقسام: عقار

التدافع بالبيع أسوأ ما قد يَحِلُ بالعقار

خالد بن عبدالعزيز العتيبي

من يقرأ الصحف المحلية أو الصحف المتخصصة بالإعلانات ومواقع الإنترنت سيلحظ كماً ملفتاً من العروض التي تركز على البيع، وهو أسوأ بعكس ما كان يحدث سابقاً حين كانت الإعلانات تُركز على طلبات الشراء لِشُح العرض، والذي يزور المكاتب والمؤسسات العقارية سيجد أن هناك أراضي كانت مكتنزة خرجت، وأخرى بدأت تخرج من مكتنزيها وتُعرَض للبيع، وكل هذه مؤشرات أولية لبيع استباقي يوحي بأن القاعدة الاقتصادية للعرض والطلب آخذة في التفاعل، وبدأت تتغير وتميل لصالح العرض مما قد يقود الى تصحيح للأسعار تصحيحاً يشفيها من البطشة القوية للمضاربات.

وليس مهماً إن كان هناك من يتعامل مع السوق العقارية ولم يستوعب بعد أنها سوق قابلة للانخفاض الحاد مثلما قبلت بالارتفاع الضخم،لأنه حان الوقت لكي لا تستمر على نهج الممارسات غير السليمة التي مارسها المضاربون وفعلوا فعلتهم عن طريق المضاربات بنفخ أسعار العقار طيلة العشر سنوات الماضية بدرجة عالية، فالبيئة الاستثمارية لهذه السوق وهذا المجال من الاستثمار متغيرة بطبعها، ولم تعد تتقبل المزيد من الممارسات العشوائية في البيع والشراء، ولن تكون ثابتة دون تنظيف من تلك الممارسات وتقويم لها، لأن التضخم السعري جعلها بيئة غير جاذبة للأموال المستثمرة، وليس ذلك فحسب، بل باتت بيئة حاضنة للمخاوف.

وما لا أتوقعه، هو أن يستمر العقار بلا تصحيح، لأنه قناة استثمار كسائر قنوات الاستثمار الأخرى مُعَرَضة للركود بفعل العوامل الاقتصادية كفترات الانكماش والعرض والطلب والتضخم السعري، ولن يختلف أحد على أن رأس المال بطبعه جبان، وجميع رؤوس الأموال التي ذهبت للاستثمار في العقار خاصة التي اشترت في فترة ذروة صعود الأسعار سواء بهدف التطوير أو بناء وحدات سكنية ربما ستعيد حساباتها في هذا الاتجاه، ومن غير المستبعد أن تسعى غالبيتها الى الخروج حتى ولو بأقل الخسائر والأضرار، في حين أن رؤوس الأموال التي اشترت بأسعار متدنية ومعقولة ومناسبة في ذلك الوقت، ستسعى الى تسجيل أرباحها قبل أن تتضاءل أو تتلاشى الأرباح من الضغوط المحتملة الذي ستواجهها الأسعار.

والتوجه الطبيعي لحركة أي وعاء استثماري هو أن كل صعود يعقبه هبوط، والعكس صحيح، وكما كان للإقبال الكبير على الاستثمار في العقار وقعه في صعود الأسعار، فإن لتسييل هذا الاستثمار كُلفَتُه، وقد يحدث هذا التسييل بعدة مشاهد، وما لا يفضله أحد أن يَحِل المشهد المماثل الذي انهار بسوق الأسهم عام 2006م حينما تدافعت حشود المتعاملين بالسوق آنذاك بمختلف مستوياتهم بالبيع وتصفية استثماراتهم بالأسهم.

وما لا يتمناه أحد، وما يخشاه الكثيرون، هو أن يرون تدافعاً بالبيع لاستثمارت العقار، ومثل هذا إن حدث فسيكون صعباً، وصعبا جدا، وله تأثيراته الكبرى على الأسعار التي قد تهوي به،لأن إجراءات تسييل العقار ليست بالأمر السهل حدوثه من حيث عدم التوفر الفوري للمشترين كما هي إجراءات بيع الأسهم ذات الميزة عن العقار من حيث توفر المشترين.

من ذلك السياق أقول ان الحكومة أعزها الله وضعت حلولاً موضوعية لأزمة الإسكان، وبدأت بالتوجه للعمل بها بعد استيفاء الدراسة اللازمة لها، ومنها الحلول الحازمة مثل فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، ومن يقلل من فرص نجاح هذا التوجه بعد أن رُفِع لمجلس الشورى لدراسته، عليه أن يتذكر أن المصلحة العامة للبلاد فوق كل اعتبار، وأما محاولات التشويش على هذا المشروع الوطني الحازم ومحاولات إعاقته عبر خلق أجواء تُضَخِم قسوته وجسامة تطبيقه وتبعاته الاقتصادية، وتدافع عن الاحتكار والاكتناز ومكدسي الثروات في الأراضي، فلا أظن أنه سيكتب لها النجاح.

والأرض التي لا تأكل ولا تشرب، ستأكل وستشرب، ومعها ستنتهي أزمة أسعار العقار، لأنه هذا هو الواقع الحالي، فالأزمة الحالية ليست بأزمة إسكان، بل أزمة أسعار نشأت وترعرعت حتى لم تعد أسعار الأراضي البيضاء في متناول المواطنين كما كان يحدث سابقا، وهو ما أنشأ أزمة الإسكان. وما أراه مناسباً وأقترحه، هو إنشاء هيئة للسوق العقارية، تُنَظِم السوق العقارية وتتعمق في فهمها على حقيقتها، وترصد توسعاتها وصفقاتها وتحركاتها السعرية وتُخلِيها من عشوائية المضاربات التي طالتها، أو أي اضطرابات قد تطالها، وتَستَظِل فيه السوق العقارية بأنظمة تُسَنُ لها، ويُفصَل كل مايمت للسوق العقارية عن وزارة الإسكان، لتركز الوزارة بالتالي على تنفيذ مشروعاتها الإسكانية للمواطنين وتحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها، وبالتأكيد سيكون لذلك وقعه في استقرار هذا القطاع الاستثماري المهم وعدم تصاعد أزماته.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 1 نوفمبر 2015 11:14 ص

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020