تعلمنا في الاقتصاد الحضري Urban Economics الذي يدرس اقتصاد المناطق الحضرية ويستخدم الادوات الاقتصادية لتحليل القضايا الحضرية مثل، الإسكان وتمويل الحكومة المحلية وغيرها، اثر فرض الرسوم أو الضرائب على الأراضي والعقار وتوجه المناطق الحضرية والمباني السكنية من مخطط (Zone) الى مخطط اخر ومن وسط المدينة الى الضواحي مع تصاعد نسبة الضريبة. ان الرسوم تستخدم كأداة لجذب الاعمال او تشجيع بناء الاراضي او العكس لحل مشكلة قائمة او متوقعة مثلا انكماش معروض الاسكان بسبب غلاء الاراضي وعدم استثمارها او لتقليص تأثير تكاليف او فوائد عوامل خارجية (Externalities) تؤثر على الطرف الاخر بدون اختيار تحملها أو الاستفادة منها.
أن تفاقم عجز الإسكان جراء فشل السياسات الاسكانية المتراكمة والمتعاقبة في معالجة هذه القضية لا يعني غياب الحلول. فمن الممكن أن نعالج عرض الإسكان بزيادة معروض المساكن بأسعار معقولة وباستقرار مستدام. لذا نحتاج إلى إعادة تعريف القطاع العقاري بإدراج كل منا، وليس فقط اللاعبين الكبار، مما يعني فتح السوق على أوسع الفرص الممكنة. إذ ان السكن يمكن تخفيض حجمه من اكبر وحدة (بيت قابل للتوسع) إلى أصغر وحدة (شقة) لزيادة عدد الوحدات وتسليمها في اقصر مدة ممكنة.
وهناك فرق بين الضريبة المستدامة والمقصود منها تحقيق ايرادات مالية لدولة مثل ضريبة الاراضي (Property tax) وترتفع في اوقات الرخاء وتتقلص وقت الشدة لكي تحدث توازناً في سوق العقار وبين الضريبة او الرسم الموقت الذي ينتهي بانتهاء تحقيق الهدف مثل رسوم الاراضي بقصد بنائها. لذا يكون هدف قرار مجلس الوزراء بالموافقة على فرض الرسوم على الاراضي فقط تحفيز اصحاب الاراضي على بناء اراضيهم او بيعها لمن يرغب في بنائها وليس الاضرار بهم من اجل المصلحة العامة. فكيف نوظف هذه الرسوم أفضل توظيف من اجل تحقيق هدفها بزيادة المعروض السكني او تقليص اسعار الاراضي؟ وهنا سوف اشرح الاثر الاقتصادي (Impact Analysis) بفرض الرسوم على الاراضي غير المطورة. علما ان قطاع العقار ليس له قيمه اقتصادية مضافة فهو لا ينتج ولا يوظف السعوديين وإنما اصول تنتقل قيمها من مالك الى اخر فقط لا غير.
ان فرض الرسوم على الاراضي غير المطورة (الخام) فقط او ذات المساحة المحددة داخل النطاق العمراني سوف يخفض سعرها مباشرة لترتفع اسعار الاراضي المطورة أو الاصغر حجما أو خارج النطاق العمراني بشكل ملحوظ، وهذا لا يحفز على بناء الاراضي بل انه يعطل آلية السوق ولا يعيد التوازن الى السوق، حيث من سوف يشتري تلك الاراضي الخام هم مستثمرون جدد ليس لديهم الرغبة في بنائها بل الاحتفاظ بها لمدد متفاوتة من اجل رفع قيمتها مرة ثانية مما يتسبب في تعطيل ثانٍ لآلية السوق، مما ينتج عنه خسارة المالك الاول عندما ارغم على بيع ارضه بسعر اقل من قيمتها المتوقعة تفاديا لدفع تلك الرسوم، ليصبح وضع الاراضي البيضاء المطورة وغير المطورة أسوأ من ذي قبل بارتفاع اسعارها بنسب كبيرة، وهذا يترتب عليه ارتفاع أسعار المساكن المعروضة للبيع لأن الاراضي ارتفع سعرها. لذا لن يتحقق الهدف الاساسي بزيادة معروض المساكن، مما يعود بنا الى نقطة البداية ولكن هذه المرة بأسعار متضخمة جدا تجعل الوضع بعد فرض هذه الرسوم اسوأ من ذي قبل وداعما لرغبات محتكري العقار.
ان الحل الاقتصادي السليم هو فرض الرسوم على جميع الاراضي المطورة وغير المطورة بدون تحديد المساحة داخل النطاق العمراني وعلى مرحلة واحدة وليس على مراحل لأن تأثير الفترة اللاحقة (Lag effect) كفيلة برفع اسعار الاراضي غير الخاضعة لرسوم الى اعلى مستوى ممكن، حيث ان الهدف ليس التطوير وإنما بناء المساكن.
بصراحة وجهة نظر علمية وتحليل منطقي يخالف الكثير من التحليلات المطروحة حالياً ويضيء الضوء الاحمر ..