عندما كنت طالبًا في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، خُضْتُ لأولّ مرّة اختبار الكتاب المفتوح «Open book examination»، وهو الاختبار الذي يُسمح فيه للطالب بفتح كتاب مادّة الاختبار إعانةً له على الإجابة!.
وكنت أظنّه اختبارًا سهلًا، وكأنني سأستخدم الكتاب برشامًا للغش، لكنني اكتشفت أنه الأصعب، لأنّ سعادة الدكاترة يعقّدون الأسئلة كما لو كانت ألغازًا، فيصبح الكتاب المفتوح «زيّ قلّته»، مثل المغلق بل أكثر غلقًا، ولو جلسْتُ أبحث فيه عن الأجوبة لأضعْتُ الوقت ورسبْتُ بجدارة واقتدار!.
مثل هذا الاختبار يحصل الآن للأراضي السكنية، التي هي رغم كثرتها إلّا أنها «زيّ قلّتها»، وهي لدينا مفتوحة للآخر، سواءً كانت بيضاء أو سوداء أو حتى بنفسجية، داخل النطاق العمراني وخارجه، ومع فتحها إلّا أنها لا تُعين المواطن العادي على النجاح في امتلاك إحداها، وقد أصبحت صعبة المنال عليه، إن لم تكن مستحيلة ما لم يقترض من هنا وهناك، وهي برشامٌ للغش لكنه مكتوبٌ باللغة الصينية، وقد عقّد العقاريون ومن خلفهم من المتنفذين عملية امتلاكها بإحاطتها بالألغاز، لغز (١) كيف حصلوا عليها أصلًا؟ لغز (٢) هل من الوطنية احتكارها هكذا؟ لغز (٣) ما سبب غلائها على الرغم من وفرتها؟ فاستسلم المواطن لحظّه العاثر واكتفى بالتفرّج عليها مفتوحةً أمامه ومغلقةً في الوقت نفسه، ولو جلس يبحث عن حلول للألغاز، ويحاول شراء إحداها، لأضاع عمره هباءً منثورًا!.
وحسب علمي المتواضع، لقد ألغت الجامعة اختبار الكتاب المفتوح، فمتى نغلق نحن اختبار الأراضي المفتوحة؟ بأن نجعل المواطن العادي قادرًا على امتلاك أرض سكنية له بالسعر الذي يستطيعه؟ ومتى نفعل أمرًا حازمًا – ولا نقوله فقط – ضدّ سعادة العقاريين ومن خلفهم من المتنفّذين بما يردعهم عن التلاعب بالمواطن والاستثراء الفاحش منه، ياربّ.. يا ربّ.. اجعل ذلك قريبًا!.
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، تساءلت: أليس من المُشين أن تحيط تريليونات الأمتار من الأراضي بالمواطن العادي إحاطة السوار بالمعصم ثم لا يجد لامتلاك بضع أمتارٍ منها وسيلةً ولا سبيلاً؟!.
المصدر
آخر تعديل تم نشره 3 سبتمبر 2015 8:54 ص