في الأسبوع الماضي وخلال ندوة الشراكة بین القطاعین العام والخاص ودور المقاولین، والتي عقدت على ھامش احتفالات غرفة جدة بمرور 75 عاماً على إنشائھا، نشرت وسائل الإعلام تغطیة صحفیة عن تلك الندوة تضمنت توعد معالي أمین محافظة جدة بعض المقاولین المتلاعبین بعدم ترسیة المشاریع علیھم مستقبلاً في ظل تعثر وتأخر 90 %من مشاریع وزارة الشؤون البلدیة والقرویة وتعثر 40 %من مشاریع مدینة جدة، كما ھدد معالیه بوضع قائمة سوداء للمقاولین الذین یقتصر دورھم على الحصول على المشاریع وبیعھا من «الباطن»، واستبعد معالیه أن یكون أولئك المقاولون شركاء للدولة خلال الفترة القادمة متسائلاً: (كیف نجعل المقاولین شركاء وھم بھذه العقلیة)، مشیراً بأن مدینة جدة تعیش في أطنان من الردمیات بسبب المقاولین كما أن شركات النظافة الحالیة تساھم في عدم نظافة المدینة.
بادر أحد المقاولین بالرد مشیراً بأن المسؤول الذي یتم تعیینه ویكون قادماً من بیت التجارة یتغیر تعامله وینعكس ھذا التغیر على المقاول، فھناك مستحقات لم یستلمھا بعض المقاولین منذ عامین. وتبع ھذا الرد رد آخر من معالي الأمین، بأن الكراسي لا تغیر ولكن المسؤولیة تتغیر، فالأمین الیوم مسؤول عن تقدیم خدمات للمجتمع عبر المقاولین، وھكذا یستمر السجال والرد بین معالیه والمقاولین ویستمر كل طرف في تحمیل الطرف الآخر مسؤولیة ما یحدث في المیدان والضحیة في نھایة المطاف ھو المواطن.
في الوقت الذي تؤكد الدولة فیھ بأن القطاع الخاص شریك أساسي في التنمیة، وفي الوقت الذي تتوالى فیه المبادرات الحكومیة المختلفة لتحفیز القطاع الخاص وتشجیعه على النمو یأتي ھذا الحوار المشحون بین المسؤول والمقاول والذي بالرغم من أنھ اتسم بالشفافیة والوضوح والاعتراف بوجود الأخطاء إلا أنه لم یقدم حلولاً عملیة تساھم في تقدیم خدمة ممیزة للمواطن بل تفرغ للتھدیدات وإعلان نشر قائمة سوداء بالمقاولین المتلاعبین والاستغناء عنھم، بل والإشارة إلى توجه الأمانة بتنفیذ الأعمال ذاتیاً دون إرسائھا على مقاولین.
في نھایة المطاف المواطن ھو الضحیة من ھذا الجدل وھو المتضرر الأول من حالة السجال وتبادل التھم ومعركة التصریحات الحاصلة بین الأمانة والمقاولین، وإن كانت الأمانة اعتبرت تصنیف المقاولین غیر مجد؛ إلا أنھا نوھت إلى أن الأھم ھو تأھیل المقاولین، ولعل ھذه الخطوة تكون بدایة الطریق الصحیح للأمانة في أن تقوم بتأھیل وإیجاد مقاولین أكفاء وأمناء وجادین وأن یكون لھم قائمة بیضاء بدلاً من القائمة السوداء وأن تضع علیھم مراقبین صادقین لإنجاز المشاریع بشكل صحیح ودون تعثر وأن تعمل على تصحیح الأوضاع وإیجاد الحلول فھي بذلك تدعم القطاع الخاص الجاد والذي یعد شریكاً للدولة، وتساھم في تقدیم خدمة ممیزة للمواطن.