ينقسم المستأجرون في السوق العقارية إلى قسمين رئيسيين، القسم الأول مستأجرو الوحدات السكنية والقسم الآخر مستأجرو الوحدات التجارية، وسأسخر هذه المقالة لمستأجري الوحدات السكنية ثم سأعرج لاحقا على مستأجري الوحدات التجارية حتى أعطي كلا الموضوعين حقهما من التفصيل. مع غلاء أسعار المساكن أخيرا تزايدت شريحة مستأجري الوحدات السكنية، خاصة من فئة الشباب الذين يعتبرون في بداية مسارهم مهنيا وارتباطهم أسريا، لذا ينبغي لوزارة الإسكان الحرص على هذه الشريحة وتلمس احتياجاتها، التي من أهمها توضيح العلاقة بين المستأجر والمؤجر بشكل يضمن العدالة ويحقق مقاصدها لكلا الطرفين.
تعمل وزارة الإسكان على تفعيل نظام “إيجار” خلال الأشهر القليلة المقبلة، ومما جاء في موقع “إيجار” الإلكتروني لتوضيح مقاصد البرنامج ” تنظم هذه الشبكة العلاقة بين جميع أطراف العملية التأجيرية وتحفظ حقوق كل من المستأجر، المؤجر، الوسيط العقاري”، ومن هذه الجزئية نستنتج أن هناك ثلاثة أطراف يطمح النظام إلى حفظ حقوقهم وعند الاطلاع على معلومات البرنامج والتصاريح الصادرة بخصوصه، يتبين أن هناك توجها واضحا لحماية حقوق المؤجر كطرف من أطراف البرنامج وهذا جيد لتحفيز الاستثمار في قطاع تأجير الوحدات السكنية، كذلك فإن الوسيط العقاري سيقوم بدوره وفق آلية مرنة وإلكترونية تضمن له سرعة تسويق عروضه وإنجاز معاملاته، ولنعد للطرف الثالث وهو المستأجر والذي سأحاول أن أطرح هنا أهم ما يؤرقه وهي ثلاثة أمور: مدى عدالة سعر الإيجار، وما محددات الزيادة في سعر الإيجار مستقبلا، وما ضمانات استقراره في الوحدة السكنية بعد انتهاء العقد، وسأقوم باستعراض بعض الحلول لضبط علاقة المستأجر والمؤجر وفق آلية تضمن العدالة للجميع من خلال تجربتي اللصيقة لبعض التجارب مثل التجربتين الكندية والبريطانية واطلاعي على تجارب أخرى مثل الأمريكية وتجربة مدينة دبي، ولنبدأ بأول ما يؤرق المستأجر وهو سعر الإيجار ومدى ملاءمته أسعار تأجير العقارات المشابهة، وفي هذه النقطة يبدو أن البرنامج سيقوم بعمل جيد من حيث إلزام الوسطاء العقاريين بعرض الوحدات السكنية إلكترونيا، وهذا يضمن شفافية عالية ويجعل الراغب في الإيجار على اطلاع كامل بالعروض المتاحة في المنطقة التي يستهدف البحث فيها، كذلك من المهم أن يتم تزويد الموقع الإلكتروني بمعادلات إحصائية تمكن المطلع من معرفة مؤشرات أسعار الإيجارات في كل حي حسب نوع الوحدة السكنية، وهذا سيفيد المستأجر والمؤجر في اتخاذ القرار المناسب وفقا لوضع السوق.
ثالث الأمور التي تؤرق المستأجر هو ضمان استقراره في الوحدة السكنية ومعرفة آلية إخراجه منها، وهذا الأمر من المهم أن يصاحب آلية الزيادة لكيلا يتحايل المؤجر بحجة انتهاء العقد ليقوم بتأجير الوحدة السكنية على مستأجر جديد بسعر أعلى من الزيادة المقدرة وفقا للمؤشر المعتمد، لذا حرصت بعض الأنظمة في التجارب الدولية على وضع ضوابط لإخراج المستأجر تكفل حقه في الاستقرار طالما لم يخل بأي من بنود العقد، حتى إن انتهى عقده يتم تمديده تلقائيا إلا في ظروف معينة وبنطاق ضيق، مثل أن يحتاج المالك إلى أن يسكن هو أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى في الوحدة السكنية، أو أن تكون الوحدة السكنية بحاجة إلى ترميم وصيانة تستدعي عدم بقاء أحد فيها، وغيرهما من الحالات التي لا يتسع المقام لذكرها، وقد ضبطت الأنظمة آلية إخراج المستأجر بطريقة محكمة للتأكد من صحة ادعاء المؤجر وأنها ليست حجة للالتفاف على النظام وإخراج المستأجر الحالي.
الخلاصة، نظام “إيجار” وضع الضوابط لضمان حقوق المؤجر وننتظر منه وضع ضوابط تضمن حقوق المستأجر كذلك.