تابعت خلال الفترة الماضیة الشد والجذب في مواقع التواصل الاجتماعي والحراك الصحفي من بعض الأقلام حول صندوق التنمیة العقاریة، وتغییر آلیات الدعم السكني المقدمة لمستفیدیه ،حیث تبین لي أن الكثیر من المواطنین لدیھم لبس وسوء فھم حول القرض من الدولة ،فمنھم من یرى بأنه ھبة والبعض الآخر یراه بأنه منحة غیر مستردة حتى أصبح ھناك نسبة كبیرة منھم لم یلتزموا بسداد الأقساط المستحقة لصندوق التنمیة العقاریة، مما أثر على بطء دوران عجلة القروض وتحول من ھم على قوائم الانتظار إلى ضحایا لتقصیر المستفیدین السابقین غیر الملتزمین بالسداد ،حیث لم یخلد في مخیلة المماطلین بأن المال المقترض یُعطى لكي یسترد في وقت محدد والمال المحصل سیستفید منه آخرون، وأن ھذا التباطؤ وعدم الالتزام سیلحق الضرر بالآخرین في انتھازیة تمثل تبنی لمقولة الملك الفرنسي لویس الرابع عشر أنا ومن بعدي الطوفان.
ھذه المقدمة جعلتني أستذكر بعض الأرقام أقرض صندوق التنمیة العقاریة ما یقارب ملیون خلال 40 عاماً، أي بمعدل 25 ألف مستفید سنویاً مواطن تقریباً، ولدى الصندوق الآن قرابة 420 ألفاً على قوائم الانتظار من المستفیدین ، كیف ومتى سیتم حصولھم على القرض ؟
ولتذلیل ھذه التحدیات والإشكالیات التي عطلت الصندوق من القیام بدوره التنموي ،فقد توجه نحو برنامج التمویل السكني المدعوم، فھو الحل الجذري لما سبق، فضلاً عن أنھ الاستثمار الأمثل للموارد وإدارتھا بكفاءة أفضل حیث سیوفر دعماً لأكبر شریحة ممكنة من المستفیدین في أقل وقت وبعدالة بینھم.
ھذه التجربة لیست جدیدة فقد سبقتھا تجارب عالمیة كان لھا نصیب كبیر من النجاح في دول مختلفة، بعد أن حققت أھدافھا المتمثلة في زیادة نسبة تملك المواطنین، لكن النصیحة التي أقدمھا للصندوق تتمثل في ضرورة رفع كفاءة إدارتھ لاستثماراته، بما یؤدي إلى ضمان استقرار واستدامة التدفقات المالیة لأجل سداد المستحقات الشھریة لأرباح التمویل ، كما من الضروري أن یقوم الصندوق بالتفاوض مع البنوك وشركات التمویل لتقلیص نسبة الأرباح لأقل مستوى.
المطلع على مشروع برنامج التمویل المدعوم، یرى أنه مشروع طموح ویحتاج الى تكاتف كافة المؤسسات والجھات لیمضي على نفس الخارطة المرسومة له، وأن حصل ذلك، فإنه لن یكون عبارة عن تملیك وحدات سكنیة وبناء ذاتي، بل سیأخذ دوره التنموي بالإسھام في سھولة حصول الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل.
إن مشاركة الصندوق للقطاع الخاص في التمویل سیساعد في تحسین وظائف السوق العقاري، حیث سیكون لھا النتیجة الأھم والأثقل وزناً على السكن الملائم ، كما سیعزز في الادخار الأسري، وبذلك یكون الصندوق قد عاد الى دوره التنموي، في تقلیص فترة الانتظار ودعم جمیع المستفیدین خلال 5 سنوات قادمة.