الاقسام: عقار

أزمة فكر يا معالي الوزير!!

أحمد الحربي

لم يعد المجتمع مغلقاً، ولم تعد الأخبار طي الكتمان، فالقنوات الفضائية الإخبارية تملأ شاشات العرض في كل مكان، ووسائل التواصل الاجتماعي يرتادها كل العالم صغيرهم وكبيرهم، لذا يجب على المسؤول أن يكون في مستوى الحدث، عند التصريح بأي شيء يهم المواطن.

في البدء لابد أن نشكر معالي وزير الإسكان على فتح دفتي الباب وتركه مشرعاً للمواطنين الباحثين عن سكن كي يتغلغلوا داخل عقله وفكره، فالأزمات موجودة منذ زمن، لكن البحث عن صانعيها بحاجة إلى التركيز أكثر للوصول إلى حقائق أكبر، وها هو يعطي الفرصة لمناقشة مشكلة الإسكان من خلال تصريحاته التي تم تناولها إعلامياً ومن قبل مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف ثقافاتهم، فبعضهم تناولها بالسخرية اللاذعة، وبعضهم بالنقد البناء، وآخرون لهم رأي مختلف مؤكدين فيه لجميع الوزارات الخدمية التي تلامس حاجة المواطنين أنهم تحت المجهر، وموجهين رسالة واضحة أن عليهم أن يفكروا بردود الفعل الشعبي قبل الحديث عما يخص المواطن السعودي الذي لم يعد مغيباً في ظل الانتشار المعرفي ووسائل التواصل المختلفة، ولم يعد يقبل المواربة والمداهنة، بل أصبح شريكاً في إدارة الأزمات التي يخلقها أداء بعض الإدارات.

أزمة الإسكان في السعودية ليست وليدة اليوم فهي متقدمة في العمر، ولمحاولة علاج هذه الأزمة تم إنشاء وزارة الإسكان عام 1432هـ، ومنذ إنشائها لم نجد على أرض الواقع حلولاً فعلية لمشكلة تعثر المواطنين في الحصول على سكن مناسب، على الرغم من وجود المساحات الشاسعة والميزانيات الضخمة إلا أن أكثر الشعب السعودي مازال يستأجر منزلاً أو شقة لأسرته، شريحة كبيرة من ذوي الدخل المحدود مساكنهم المستأجرة دون المتوسط، وفئة أخرى من الموظفين متوسطي الدخل من ذوي السكن المتوسط، ونسبة ثالثة من عدد السكان الذين حصلوا على قروض عقارية لبناء مساكن، ويتم سداد القرض على أقساط سنوية لمدة ربع قرن، ومعظمهم متعثر في السداد، ناهيك عن أصحاب قروض التمويل الشخصي الذين يتم استغلالهم من البنوك المحلية على حساب مصروفات البيت والأسرة والعلاج والدراسة.

في ظل اهتمام الدولة بالمواطن ورغبتها في علاج مشكلة السكن، فقد تعاقب على وزارة الإسكان ثلاثة وزراء في زمن قياسي، لم يتجاوز أربع سنوات، هذا التسارع في التغيير يثبت عدم قدرة الوزراء على إيجاد الحلول المناسبة لأزمة الإسكان، ويأتي معالي الوزير الحالي ليصرح بأن المواطن السعودي لديه أزمة فكر.

صدق معالي الوزير أنه بالفعل لا توجد أزمة أراضٍ فالدولة السعودية على امتداد الجزيرة العربية تمتلك مساحة كبيرة تقترب من مساحة قارة أوروبا، وأيضا لا توجد أزمة تمويل والحمد لله على نعمه التي لا تحصى فاقتصاد السعودية يفوق اقتصاد دول عديدة سبقتنا بتجاوز مشكلات الإسكان بما تمتلكه من العقول النيرة والتخطيط السليم، فأين يكمن الخلل؟ في سوء التخطيط؟ أم في فكر أداء الوزارة نفسها؟ فالمساحات البيضاء مترامية الأطراف ولكنها بحاجة إلى عمل جاد لتحويلها إلى مناطق سكنية، والميزانيات الضخمة بحاجة إلى فكر جيد يقوم بصرفها في المشاريع الحقيقية التي تساهم في حل المشكلات.

لدى وزارة الإسكان قائمة بأسماء المواطنين الباحثين عن سكن؟ والرأي العام يريد أن يعرف ماذا قدمت الوزارة لهؤلاء المتقدمين؟ وكيف يتم التعامل مع احتياجاتهم؟ وهل هناك ترتيب لأصحاب الأولويات في الاحتياج كالأرامل والأيتام، والمطلقات وذوي الدخل المحدود، والمعاقين؟ وهل هناك محاولة جادة في البحث عن البدائل؟

وأين الاستفادة من ذوي الخبرة في هذا المجال محليا وعالميا؟ فبالعودة إلى ما قبل إنشاء وزارة الإسكان كانت هناك تجربة محلية سابقة في إنشاء وحدات سكنية نفذتها الدولة في عدد من المدن الكبرى في المملكة وهي تجربة ناجحة استفاد منها عدد غير قليل من المواطنين، ومازالت هذه المساكن تعمل بشكل جيد حتى اليوم، وكذلك ما نفذته وزارة الدفاع من مدن متكاملة المرافق «المستشفيات والمدارس والأسواق» لموظفيها العسكريين والمدنيين، وهي تجارب ناجحة يجب الاستفادة منها إذا أردنا تحقيق الحد الأدنى -على الأقل- من طموحات المحتاجين للإسكان، ولعلي أتمثل بقول الشاعر مع بعض التعديل حينما نقول: وما أكثر الأزمات حين تعدها، ولكن العمل على حلولها قليل.

ملف وزارة الإسكان ليس الوحيد الذي يحتاج إلى حلول، فالمشكلات عديدة في كثير من القطاعات الحكومية والوزارات الخدمية الأخرى، والحلول قليلة جداً، لذا ومن منطلق الحرص على تحقيق أفضل النتائج الوطنية يجب إعمال العقل والفكر لننتهي من تلك الأزمات والوصول إلى حلول عاجلة لكل المشكلات العالقة قبل أن تتفاقم ويصعب حلها.

المصدر

آخر تعديل تم نشره 22 نوفمبر 2015 10:17 ص

جديد الاخبار

خلال 96 ساعة من طرحها؛ “رتال” للتطوير العمراني تبيع 700 وحدة سكنية

إنجاز جديد ورقم قياسي حققته شركة "رتال" للتطوير العمراني في مبيعاتها لمشروع "نساج تاون الرياض"…

19 أكتوبر 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها 100 ألف متر مربع في العرفاء

أزالت أمانة الطائف، تعديات على أراضي حكومية تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت بلدية…

31 يوليو 2020

إزالة تعديات على أراضي حكومية في المدينة المنورة مساحتها 650 ألف متر مربع

تمكنت البلديات الفرعية والضواحي التابعة لأمانة المدينة المنورة، من إزالة تعديات على أراضي حكومية مساحتها…

31 يوليو 2020

حامد السهيل: «شايلوك» واحتكار العقار!

في المسرحية الشهيرة «تاجر البندقية» للكاتب الإنكليزي الأشهر وليام شيكسبير والتي كتبها في عام 1596،…

31 يوليو 2020

طرح 850 قطعة سكنية وتجارية بمخطط المنار شرق عنيزة بالمزاد العلني

تطرح الجود للاستثمار والتطوير العقاري، أكثر من 850 قطعة سكنية وتجارية في المزاد العلني في…

31 يوليو 2020

بدر الحمدان: العنصرية العمرانية

في بداية حياتي الجامعية، وبعد السنة الأولى سألت معيداً مصرياً درّسنا الرسم الهندسي ليساعدني في…

31 يوليو 2020