يشكل الإسكان عمودا مهما من أعمدة التنمية، ويؤثر كذلك في الاستقرار والسلم الاجتماعي. وتسعى الدولة ممثلة بوزارة الإسكان إلى السعي لتحقيق هذا الطلب المتزايد على الإسكان في المملكة العربية السعودية، ولعل من أبرز العوامل التي تؤثر في زيادة الطلب هي الزيادة السكانية، حيث تبلغ معدلات الشباب في المملكة نسبة كبيرة، وهي كذلك نسبة قابلة للزيادة في السنوات الكبرى بل التضاعف. ويقدر أن يصل عدد سكان المملكة عام 2030 إلى 45 مليون نسمة بحسب بعض الإحصائيات المستقبلية، ولذا ستؤثر هذه الزيادة في الطلب على الإسكان والذي يستدعي كذلك من الوزارة والجهات المعنية الأخذ في عين الاعتبار مثل هذه المتغيرات.
تعتبر التنمية عنصرا أساسا للاستقرار والتطور الإنساني والاجتماعي، وهي عملية تطور شامل أو جزئي مستمر وتتخذ أشكالا مختلفة تهدف إلى الرقي بالوضع الإنساني إلى الرفاهية والاستقرار والتطور بما يتوافق مع احتياجاته وإمكاناته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. وعند الحديث عن المتغيرات، فهنالك عوامل ثابتة أو ميزة مكتسبة وهي المساحة الكبيرة للمملكة والتي حباها الله بأجزاء كبيرة ومترامية، ومن هنا يقع أمامنا نموذجان، النموذج الأول أن التنمية اللامركزية في المدن والمحافظات الصغرى، تستدعي تعاون أصحاب المصلحة من القطاع العام مثل الوزارات المعنية والجامعات والتعليم العام والخدمات الأساسية، وكذلك القطاع الخاص في البدء بفتح مشاريع في المحافظات الصغرى، وهنا يكون التكامل مع جهود وزارة الإسكان يمضي في سبيل تعزيز التنمية اللامركزية. وعندما نتحدث عن التوجه الجديد لإقرار هيئة للترفيه، وهيئة للرياضة، فسيكون كذلك عليهما دور مهم جدا بالتعاون مع أصحاب المصلحة من وزارة إسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية وغيرها من الوزارات المعنية لتكوين منظومة متكاملة تسعى لتعزيز البيئة الاستراتيجية التي تهدف لازدهار الوطن ورفاه المواطن.
ولذا فإن تكامل السياسات ووجود خطة لإدارة أصحاب المصلحة ستؤثر كثيرا في عملية تناغم السياسات للخروج بمشاريع على أرض الواقع لا يعتريها النقص، بل يسودها التكامل بين الجهات، ومن ثم ينتقل إلى مرحلة أخرى وهو دور الشركات، ودور المسؤولية الاجتماعية للشركات بالاستثمار في البيئة المحلية من خلال التدريب والتعليم ومن خلال كذلك افتتاح أنشطة وصناعات تتناسب مع طبيعة المنطقة إن كانت تراثية أو جبلية أو زراعية، ومن هنا يختلف النشاط باختلاف طبيعة المنطقة وأنشطتها، وتعزز بذلك دور المجتمع المحلي للعب دور في التنمية الاقتصادية المستدامة.
وينبغي الإشارة كذلك إلى البيئة والصحة في عملية الإسكان، حيث تلعب المساكن دورا مهما جدا في صحة الإنسان في بيئتنا، فعلى الرغم من وجود الشمس المشرقة في بيئتنا بالمملكة، إلا أن كثيرا من أنماط العمارة لا تصلها أشعة الشمس، فأصبحت بعض وسائل الدعاية للعقارات هي مدى دخول الشمس إلى تلك البنايات، وهنا تظهر الإشارة إلى أن ذلك العامل أصبح عاملا محفزا في العقار، من ناحية أخرى، دور المساحات الخضراء في المدن وهذا ما تقوم به عدة جهات، وأعتقد أننا ما زلنا بحاجة إلى زيادة تلك المساحات الخضراء، وزراعة الأشجار ذات الفائدة في الطرق حتى ينتج منها فائدة بيئية وليس فقط أشجار ذات منظر دون فائدة بيئية.
ويمكن القول إذا إن التنمية في مجال الإسكان مجهود تقوم وزارة الإسكان بالسعي لتحقيقه ويلزم كذلك تكاتف كل الجهود من أصحاب المصلحة والتخطيط الجماعي حتى تتكامل كل الظروف الحضرية والعمرانية والصحية والبيئية نحو رفاهية المواطن وزيادة إنتاجيته، وتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي، وكذلك التنمية اللامركزية.
وفي الختام، لا شك أن هناك عوامل جذب للمدينة تجعل منها مدينة متميزة ومحببة للسكنى، ويتربع الأمن على رأس القائمة مع وجود الموارد الأساسية للحياة وعلى رأسها الغذاء و الماء، وكذلك فرص العمل ووجود السياسات الداعمة للسكان في تلك المدينة مثل متلازمة “نيبمي” وغيرها من السياسات، علاوة على صحة المدينة، واتصالها للبيئة ووجود المرافق العامة وسهولة التنقل. وهنا تكمن الأهمية في تحويل تلك المعايير لأرقام، تسعى كل مدن وطننا الحبيب إلى الوصول إليها عبر خطط تنفيذية، تتكاتف فيها الجهود نحو هدف أن تكون مدننا مدنا جاذبة، وفي بيئة تنمية مزدهرة.
وبالله التوفيق