أشرت في العديد من المقالات للمشاكل التي عانى منها السوق العقاري طوال العقد الماضي وذكرت الحلول في مقالات منفردة او مجتمعة، وهناك أساس للمشكلة يتفرع منه أعراض تسهم في تضخيم المشكلة واستعصاء حلها.
ومن المشاكل التي بقيت مستعصية أداء بعض الأجهزة الحكومية وشبه الحكومية المرتبطة بالسوق العقاري والمعنية بالتصاريح أو بتقديم الخدمات، بسبب العمل العشوائي الذي تدار به مما تسبب في معظم المشاكل التي نعاني منها وعلى رأسها مشكلة الإسكان، مع أنها ملزمة بخدمة المواطن.
وزارة الإسكان وهي تحتل النصيب الأكبر في علاقتها مع المواطن كونها ستحل مشكلة 20 بالمائة من محتاجي السكن وكذلك دورها في إعادة التوازن للسوق العقاري، لازال أداؤها دون المأمول والسنوات تمضي ومستوى الإنجاز ضعيف رغم الدعم اللامحدود من أعلى سلطة في البلاد.
وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانات المدن لازالت تعاني من البيروقراطية المملة وتتسبب في تعطيل أي مشروع حضاري للقطاع الخاص يمكن ان يسهم في حل مشكلة الإسكان بسبب الشروط التعجيزية وعدم التفريق بين المشاريع الحيوية والريادية الكبرى والبناء الفردي، والإصرار على أنظمة بالية ساهمت في طرد الكثير من المشاريع والمستثمرين والمطورين.
وزارة التخطيط سبب مباشر فيما نعاني منه اليوم بسبب سباتها العميق وسوء أدائها طوال عقود وهي لازالت غير فاعلة بل تتحمل مسؤولية كبرى في عدم تقديم الأداء المقنع وعمل دراسات وخطط وبرامج تخفف من تراكم المشكلة.
الشركات الخدمية مثل شركة الكهرباء والمياه والصرف الصحي لها يد طولى في تأخير الكثير من المشاريع بسبب عدم إيصال الخدمة الى المخططات الحكومية وأراضي المنح وتعطيل المشاريع الخاصة ووضعها لشروط تعجيزية رغم أنه من صميم عملها.
وعلى النقيض نجد أن وزارة التجارة تحركت وأوقفت المساهمات العقارية وعملت على تصفيتها وتشددت في تطبيق الانظمة وابتكرت حلول البيع المبكر للوحدات السكنية والبيع المبكر للأراضي على الخريطة.
وزارة العدل نظمت اعمالها واختصرت إجراءاتها وشددت على اصدار الصكوك وبدأت في فتح ملفات الأراضي والمخططات التي تم الاستيلاء عليها والصكوك المزورة وبدأت في استرجاعها، وتخلصت من بعض موظفيها ضعاف النفوس.
والإيقاع الذي تمشي فيه وزارتا العدل والتجارة فيما يخص علاقتها بالسوق العقاري توحي بأن العمل الجاد والسعي لتنظيم العمل أصبح علامة فارقة في انجاز العمل وتسهيل الإجراءات وتطبيق الأنظمة والعقوبات بحق المخالفين او المتلاعبين بالسوق وأصبح الجميع يضرب لهم ألف حساب. وستنعكس نتائج هذا الأداء على السوق قريبا، من هنا وجب الاشادة بهما رغم أن هذا من صميم عملهما.
لو قام كل قطاع بواجبه وعمل بجد لما تفاقمت مشكلة الإسكان ووصلت لمرحلة يصعب حلها ولما احتجنا البحث عن حلول لفك الاحتكار وارتفاع الأسعار وفرض القرارات التي قد تأخذ وقتا طويلا.