تكاد مصادر التمويل لامتلاك المواطنين مساكن في المملكة باستثناء التمويل الذاتي وما تجود به المؤسسات الخيرية أن تنحصر في مصدرين اثنين، الأول التمويل من خلال القروض الحكومية التي يمنحها صندوق التنمية العقارية من دون فوائد لنسبة تصل إلى نحو (20 %) من الأسر السعودية، أما الثاني فهو التمويل من المؤسسات المالية الربحية، التي لديها برامج إقراض عقاري، تشمل السكني بطبيعة الحال، تقوم تلك المؤسسات المالية بتوفيرها للراغبين في الحصول على تلك القروض، ضمن اشتراطات محددة، قد لا تنطبق على معظم المتقدمين لها، ناهيك عن التكلفة العالية التي يحتاجها الاقتراض من تلك المؤسسات المالية.
هذان المصدران للتمويل، من خلال طبيعة كل منهما، يتضح بسهولة أنهما موجهان لشريحتين من المجتمع، هما أصحاب الدخول المنخفضة، من الأسر غير القادرة على امتلاك مساكن دون تمويل حكومي مباشر، وأصحاب الدخول فوق المتوسطة، من الأسر القادرة على تحمل تكاليف التمويل من المؤسسات المالية، بينما لا تحظى الشريحة التي تمثل الفئة الغالبة من المجتمع، التي تتراوح نسبتها عادة ما بين (50 – 60%)، وهي فئة الأسر ذات الدخل المتوسط، بأي مصدر للتمويل الذي يلبي احتياجاتها ويتوافق مع امكاناتها، فقد أضحت مستبعدة من دائرة التمويل الحكومي المباشر، وهي في ذات الوقت عاجزة تماماً عن تحمل عبء تكاليف مؤسسات الإقراض التي تعمل في السوق.
هذه الشريحة من المجتمع، التي تمثل في الغالب العديد من الأسر، وتشكل نسبة لها وزنها في معدل الطلب على الوحدات السكنية، سواء في سوق التملك أو الاستئجار، هي في الطرف الآخر من المعادلة، قادرة بشيء من الدعم الحكومي، أن تسهم بشكل فعال في رفع نسبة العرض من المساكن بالسوق، بل قد تكون العامل الأكثر أهمية في تحقيق التوازن بين كفتيه، لذا لا بد في ظل ظروف الإسكان التي تعيشها هذه الشريحة من الناس، أن تمنح أولوية في العناية بتملكها للمساكن، التي تلبي احتياج أسرها، ولا توجد آلية أكثر فعالية في تحقيق ذلك من قيام بنك للإسكان، يمكن أن يكون شركة مساهمة، تستقطب للمشاركة في تأسيسه صناديق الاستثمار الحكومية في المملكة، وربما في دول مجلس التعاون الشقيقة، يكون قادراً على منح هذه الشريحة من المواطنين قروضاً تتفق ومستوى دخلها، بمدة سداد طويلة الأجل، وبأقساط ميسرة، وبتكاليف إقراض منخفضة، تتحمل الحكومة جزءا منها، نيابة عن المقترض، لكيلا يزيد متوسط تكلفة تلك القروض على (2 %) من قيمتها سنوياً، فهذه الشريحة من الأسر، وحجمها في مجتمعنا، ودورها التقليدي المعتاد في تنمية قطاع الإسكان، هي من يحدد في نهاية الأمر مدى حاجتنا إلى بنك للإسكان في المملكة من عدمه.