
أخر بيان لوزارة الإسكان صدر يوم أمس الخميس وبثته وكالة الأنباء السعودية، وكان يتحدث عن استهدافها توفير الدعم السكني لجميع المواطنين بمختلف فئاتهم، بما في ذلك الأرامل والمطلقات والأيتام وذوي الدخل المحدود والمنخفض.
لو جمعنا بيانات وزارة الإسكان وتصاريح مسؤوليها ووضعناها فوق بعضها، لتجاوزت بكثير أطول أبراج البلد ارتفاعا، فلا أحد يتعهد ويعتزم وينوي ويستهدف ويدرس بقدر هذه الوزارة الموقرة، لكن عندما نأتي للواقع لا نجد شيئا!
تتحدث وزارة الإسكان عن دعم الأرامل والمطلقات والأيتام وذوي الدخل المحدود والمنخفض قولا، أما فعلا فهو ما جاء به التعديل الأخير لبعض مواد اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني، من اشتراط وجود كفيل غارم تقبله الوزارة لسداد القسط المالي، أو تعجيل سداده في حال كان المتقدم وأفراد أسرته المدرجين في الطلب غير قادرين على سداد القسط المالي للدعم السكني!
لم تكن الأمور بمثل هذا التعقيد قبل إنشاء وزارة الإسكان، حتى قضية السكن لم تكن أكثر تأزما مما هي عليه الآن.
صحيح أنه كان يلزم المواطن الانتظار لنحو 15 عاما كي يتمكن من الحصول على قرضه السكني، لكنه في النهاية يحصل على شيء مقابل انتظاره.
حتى من حيث العدالة الاجتماعية، كان القرض الذي يتم استلامه من الصندوق العقاري يمثل أنموذجا لها، فلا تفريق طبقيا بين مواطن وآخر في قيمة القرض الذي تم رفعه بأمر ملكي قبل 5 أعوام إلى 500 ألف ريال.
أما سياسة وزارة الإسكان الآن، فهي خليط بين شروط تعجيزية، وقرض تحدد قيمته بحسب الملاءة المالية للمواطن، وقسط شهري للقرض يثقل كاهل المواطن ذي الدخل المحدود، وفي النهاية مشاريع إسكان بجودة منخفضة ولا تستحق قيمة القرض السكني الذي يتم تدبيس المواطن فيه لـ25 عاما!
أصبح المواطن اليوم بين مطرقة الإيجار وسندان وزارة الإسكان، ثم عندما ترتفع الأصوات أو تستنفر حالة إنسانية ما الرأي العام، يتم إصدار بيان صحفي مشبع بالوعود الورقية التي ليست سوى “مسكّن” سكني!.