هناك خصائص معينة تميز العقار كاستثمار عن غيره من الاستثمارات، هذه الخصائص قد تؤثر في مستوى وتوقيت الاستثمار، وكذلك حساب المخاطر والأرباح المستقبلية المتوقعة من الاستثمار في الأصول العقارية مقارنة بغيرها من الأصول الاستثمارية، وهنا سنركز على العقارات المدرة للدخل كأصل يعد الأبرز في الاستثمارات العقارية، وأولى هذه الخصائص هي عدم إمكانية الانتقال، ثم طول العمر، فعدم القابلية للتجزئة، وأخيرا خاصية الزكاة والإعفاء من الرسوم.
طبيعة الأصل العقاري أنه غير منقول، ولذلك لن تجد أي عقارين متماثلين حول العالم حتى لو كانا متجاورين، لأن كل قطعة أرض مختلفة عن الأخرى ولا يمكن استنساخها، ولذا فإن العقار يتأثر مباشرة بما يحصل حوله من متغيرات ومستجدات سلبية وإيجابية، سواء على مستوى الحي أو المدينة أو المنطقة وصولا إلى الدولة وهكذا، فكلما كانت المؤثرات الخارجية أقرب للعقار كان التأثير أشد في قيمته الحالية ونموها ودخله الحالي ونموه المستقبلي ومستوى المستأجرين ومدى التزامهم وملاءمتهم، وهذا يعني أن المستثمر العقاري لا بد أن يكون على إلمام تام بالسوق العقارية التي يستثمر فيها ولديه معرفة جيدة بمؤشرات العرض والطلب في تلك السوق، كما أن خاصية عدم الانتقال يعني ضعف إمكانية المنافسة في أسواق أخرى، فمثلا وجود عمارة مكتبية في شارع تجاري في الرياض لا يمكن أن تؤثر فيه العمائر المكتبية في شارع تجاري في مدينة جدة، ولا يمكن لصاحب العمارة المكتبية في الرياض أن ينقلها لجدة في حال انخفاض الإيجارات في الرياض مثلا، أو ارتفاع معدلات الشاغر، لذلك تجد أغلب المستثمرين في العقار لديهم أسواق يجيدون التعامل معها ويعرفونها عن ظهر قلب، وإن وزعوا استثماراتهم جغرافيا فستجد أن أغلبها متركز في المدينة أو المدن التي لديهم معرفة جيدة بها.
ومن خصائص العقارات أنها ذات عمر طويل، فتجد أن المبنى من الممكن أن يصمد لأربعة أو خمسة عقود حتى يعد هالكا فنيا، بينما الأرض لا يجري عليها أي إهلاك، وبسبب بقاء المباني في مواقعها لفترات طويلة جاءت فكرة الحكومات في ضبط سوق العقار عن طريق وضع اشتراطات البناء، وكذلك تحديد النطاقات العمرانية، وذلك لتنظيم التطوير العقاري واستخدامات الأراضي، وفي الواقع المشاهد طول العمر الفني للمبنى لا يمثل أهمية كبرى للمستثمر أو المقيِّم العقاري لعمل تحليل فني واستثماري للعقار، لأن العمر الاقتصادي للعقار هو الأهم، الذي عرفه كتاب التقييم العقاري (النسخة الكندية) بأنه الفترة الزمنية التي يساهم فيها المبنى في رفع قيمة العقار، لذا فإنه من المهم أن يتأكد المستثمر أن المبنى بشكله الحالي يعد قيمة مضافة وليس عبئا، وللتوضيح فقد تجد مباني مكتبية أو فندقية أو أسواقا تجارية غير متهالكة فنيا لكنها متهالكة اقتصاديا لأن تصميمها وتشطيبها ومرافقها لم تعد تلبي حاجة المستخدم الحالية، وهذا سيؤثر بالتأكيد في جاذبيتها، وبالتالي على دخلها وقيمتها السوقية، وهذا النوع من الوعي بدأ في الانتشار بين المستثمرين العقاريين المحترفين، حيث يشير تقرير CBRE للتوجهات الحديثة في الاستثمار العقاري إلى أن 78.7 في المائة من مستثمري العقار ومديري الصناديق العقارية يفضلون الاحتفاظ بالعقار خلال المدى الزمني ثلاث إلى عشر سنوات، حتى لا يكون هناك تحمل لتبعات دخول العقار في انحدار الدخل والقيمة بسبب العمر الاقتصادي، وفي المقابل ظهرت أساليب استثمارية جديدة وهي الاستحواذ على المباني المتهالكة اقتصاديا وإعادة ترميمها وتأهيلها وفقا لمعايير السوق الحالية ثم تأجيرها وبيعها بأرباح مجزية، كما أن مشاريع الدولة التي تستهدف المناطق العشوائية والمتهالكة اقتصاديا وسط المدن الكبرى، أحد أساليب تجديد العمر الاقتصادي لها عن طريق جعلها مواكبة للمتطلبات الحديثة لمستخدمي العقارات السكنية أو التجارية، وهذا بلا شك سيحدث توجيها للاستثمارات نحو تلكم المناطق لتنتعش مرة أخرى وتستعيد حيويتها وأهميتها الاستراتيجية كونها تقع في وسط المدن.
عدم القابلية للتجزئة يعني أن الأصل العقاري الواحد يأتي ككتلة واحدة من الصعب تجزئتها إلى أجزاء صغيرة، ولذا فهو بحاجة إلى رأس مال كبير للاستحواذ عليه، وهذه الخاصية يمكن أن تثير الجدل، خاصة بعد وجود الأساليب الحديثة لتقسيم العقارات عن طريق فرزها وضبط إدارة المرافق المشتركة عن طريق اتحاد الملاك، ما يمكِّن أكثر من مالك من أن يمتلك شقة في عمارة معينة ويستفيد من تأجيرها، كما أن فكرة صناديق الاستثمار العقاري المتداولة REITs تمثل نقلة نوعية في تحويل الممتلكات العقارية إلى أسهم قابلة للتداول في سوق الأسهم.
أما بالنسبة للزكاة فمن المعلوم أن عروض التجارة من أراض ومبان وغيرهما من أنواع العقار تخرج زكاتها بمقدار 2.5 في المائة من قيمتها السوقية، بينما زكاة العقار المدر للدخل تحسب على مبلغ الإيجار الذي يتم تحصيله سنويا، إضافة إلى أن العقارات المطورة والمدرة للدخل ستتميز بأنها معفاة من رسوم الأراضي البيضاء، التي تخص الأراضي البيضاء السكنية والسكنية التجارية، ومن المعلوم أن أغلب الأراضي يشملها الاستخدام السكني رسميا، لذا ستشملها الرسوم وفقا للمراحل والمساحات الموضحة في اللائحة التنفيذية لرسوم الأراضي البيضاء.