
سعدنا بتقديم خدمة: بيع عقار لكم، نود منكم تقييم مستوى الخدمة على الرابط التالي…” وصلتني هذه الرسالة مؤخراً على جوالي ولكنها لم تكن من أحدى شركات التسويق العقاري!
بل من وزارة العدل (كتابة العدل) حيث كنت قد أتممت عملية بيع عقار. إن هذه الرسالة وإن كانت عملية بسيط إلا أنها يبدو أنها بداية تحول في فلسفة وزارة العدل في التعامل مع المراجعين في هذه الدائرة الحكومية التي كانت إلى عهد قريب تتم الإجراءات فيها بشكل بدائي ومتواضع، حتى إن الصكوك التي كانت تصدر في السابق بعضها أشبه بطلاسم وشفرات يستعصي على الكثير قراءتها. إن هذا التحول والتطور الذي نراه في وزارة العدل حتى وإن كان يسير ببطء فهو أمر إيجابي يستحق التوقف عنده وتسليط الضوء عليه.
وزارة العدل وهي التي كانت من أوائل الجهات الحكومية التي قامت بوضع بيانات مفتوحة على موقعها تقيس الأداء وتوضح حجم الإنجاز لجميع أعمالها (القضايا، تنفيذ الأحكام، التوثيق والوكالات وأخيراً الإفراعات والتصرفات العقارية) كلها تعطي تصنيف للمعاملات وتفاصيلها على مستوى مدن ومناطق المملكة، فهي بذلك جعلت عملها مرئي لكل من يهتم أو يتعامل معها وقابل للقياس وهذا بحد ذاته حافز للتطوير والإنجاز فالناس حينما يعلمون أن عملهم تحت القياس تزداد انتاجيتهم.
هذه الخطوة الجريئة التي قامت بها الوزارة من عدة سنوات أكاد أجزم أنه لاتوجد دائرة حكومية واحدة تقوم بمشاركة مثل هذه البيانات مع الجمهور، إضافة إلى ذلك فإن هذه البيانات المفتوحة التي تقدمها الوزارة تنطبق عليها معايير البيانات المفتوحة وهي:(سهولة الوصول إلى البيانات، تحديث المعلومات بانتظام، مرخصة كمصدر مفتوح، البيانات قابلة لإعادة الاستخدام، قابلة للقراء الآلية، ومجانية) وهذه هي المعايير المعتمدة للبيانات المفتوحة حسب مؤسسة الشبكة العالمية (Web Foundation) وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى المساعدة في توفير المساواة الرقمية، وتغيير سياسات الحكومة وقطاع الأعمال نحو الأفضل.
والجدير بالذكر أيضاً أن هذه المنظمة تصدر مقياس لجميع دول العالم (OPD open data barometer) للكشف عن الانتشار الحقيقي والتأثير لمبادرات البيانات المفتوحة حول العالم وتقديم مقارنات بين الدول في هذه الإطار، ويأتي ترتيب المملكة في هذه التصنيف في المركز 74 عالميا والثالث عربياً، وسوف يتقدم ترتيبها في هذه التصنيف الدولي المهم بعد أن قامت وزارة العدل مؤخراً بإتاحة خدمة الإستعلام عن الملكيات العقارية، حيث أن هذه المقياس يعتمد على مدى إتاحة الدول للبيانات المفتوحة في خمس عشر بند أحدها بيانات ملكية الأراضي.
إن المنظمات التي استطاعت أن تحقق نجاحات سواء كانت حكومية أو خاصة هي تلك التي أستمرت في التطوير ولم تتوقف عند إنجاز ما اعتادت عليه، إن التطوير حتمي وملح فمن غيره لاتستمر المنظمات.. خاصة إذا كانت المنافسة قوية والأسواق نشطة، وقد يختلف الحال في المنظمات الحكومية التي لايكون التطوير فيها ملح وحتمي إلى درجة كبيرة إلا إذا وجدت بيئة عمل يبرز ويكافأ فيها المجتهد والناجح ويعاقب ويقوم فيها المقصر.
أخيراً.. لكل هذا التغيير الذي تقوده هذه الوزارة ولكل العاملين فيها.. أقول شكرا وزارة العدل!