لعبة قديمة أذكرها تعتمد على “حلي بها” وترفض أن تمنح الآخرين من اقرانك فرصة الحوار أو التفاهم على المكان.. بعض المسؤولين عندما تتحدث مع تداعيات أي تنظيم على مكونات قطاع ما، لا يرى أبعد من موقعه وتأثيرات قرار ما غير المستهدفين..
مؤسسة النقد لاتزال تعتقد أن استمرار بقاء نسبة (30%) من قيمة المسكن المراد تمويله (مهمة) لحماية السوق.. وعند النقاش مع أحد يصر على أهمية الحماية، بغض النظر عن الأبعاد الاجتماعية والتأثيرات الاقتصادية الناشئة عن بقاء هذا الوضع..
أدرك تمام الإدراك أهمية أن تأخذ مؤسسة النقد كل الاحتياطات لحماية قطاع التمويل، ولكن يعلم الجميع عدم قدرة شريحة كبيرة من الأسر على تملّك مسكن مناسب بالاعتماد على مداخيلها الشهرية..
ويبلغ عدد منسوبي القطاع الحكومي 2.5 مليون مواطن، 15% منهم فقط مرتباتهم فوق 10 آلاف ريال.. وهو الرقم الذي يعتبر الحد الأدنى للحصول على وحدة سكنية بمتوسط مليون ريال.
هنا لا أتحدث عن معونات حكومية مباشرة للمواطن – رغم أنه يستحق – ولكن عن استمرار مساواة مؤسسة النقد من خلال هذا التشريع الوارد في نظام التمويل العقاري الأخير.. بين مواطن مستحق للسكن وغير مستحق، أو يمتلك سكناً، أو حتى يمكنه بإمكانياته الذاتية الحصول عليه.. أمر غير مقبول.
إن الحلول التي تطرحها وزارة الإسكان، وتعمل على بدء العمل بها بعد ميزانية العام الجديد.. يمكن أن تسهم بشكل جذري في تجاوز القدرة المالية لكثير من الأسر للحصول على مسكن عن طريق التمويل من المنشآت المالية المحلية.
ما تم طرحه في “الرياض” أمس عن اتجاه الوزارة لضمان 20% من الدفعة الأولى لقروض المواطنين السكنية، بالتعاون مع شركات التمويل العقاري المتخصصة (فقط) يؤكد قدرة الوزارة على التعرف على مواطن القصور الحقيقة في التمكين الإسكاني، وقدرة الفريق الجديد بالوزارة على تشخيص مواقع الخلل ووضع الحلول.
لاشك أن الحكومة أمام استحقاق صعب على مستوى المشهد السكني، 1.3 مليون مواطن مستحق حالياً، وعلى قوائم انتظار الفرج، الذي ظل سنوات محبوساً في تنظير المكاتب.. ستظهر بوادره مع الشهر المقبل، البعض منه سيكون نقلة نوعية، والبعض الآخر استمرار لمنتجات تقليدية مثل القروض، وأرض وقرض.
إلا أن التوجه الأهم سيكون دعم أي مشروعات تحرص على تشييد مساكن ميسرة.. هذا كله لتجاوز أحد إشكاليات القطاع، وهي ضعف الملاءة المالية للسر السعودية، خاصة موظف القطاع الحكومي، الذي تشتت بين تكاليف سكن، ومصاريف شهرية نوعية في رمضان والأعياد.. ولا أنسى الإيجار.. ويستمر بعض المسؤولين بذات الرؤية “أنا لست معنياً بالأمر” دون بحث عن حلول مشتركة مع جهات.. وهنا تبرز أهمية مجلس الاقتصاد والتنمية ليكون بمثابة المنسق الذي يتجاوز حدود شعار التوحد لدى بعض القطاعات الحكومية.. ونتائج ذلك ستظهر مع العام المالي الجديد؛ وموعدنا سيكون مطلع الشهر المقبل.