تطبيق القرار الصادر عن مؤسسة النقد ,والخاص بنظام التمويل العقاري الذي تم تطبيقه بداية هذا العام 1436ه، والذي ينص على ضرورة عدم تجاوز نسبة تمويل العقار 70% من قيمته على ان يقوم المقترض بتأمين النسبة المتبقية وهي 30%. لم يجد قبولا لدى جميع الأطراف المتعاملة فيه وهم البنوك والمقترض والمطورون العقاريون الذين يرغبون في تقليلها الى الحدود الدنيا.
فالغالبية العظمى من راغبي التملك لا يمكن لهم تأمين هذه النسبة وذلك بسبب عدم القدرة، لذا لابد من معرفة سبب هذا التحفظ من قبل الجهات الرسمية وتشديدها على عدم تجاوز او مخالفة هذا الشرط من قبل جهات التمويل.
البنوك وجهات التمويل لديها القدرة على اختراق الأنظمة وتجاوزها ولديها رغبة في زيادة نسبة المخاطر مادامت ذات عوائد مجزية، وهنا مكمن الخطر على المدى المنظور والبعيد.
فعندما حدثت الأزمة المالية العالمية عام 2008م وبدأت في الولايات المتحدة ,وتسببت في افلاس الكثير من شركات التمويل والبنوك وشركات إعادة التأمين على القروض ,وخسارة مئات الالاف من المواطنين لمنازلهم بسبب الرهن العقاري ,وعدم قدرتهم على السداد ,وخسارة الكثيرين لوظائفهم ومنازلهم التي عادت الى البنوك المقرضة وفقدانهم لجميع ما دفعوه من مبالغ طوال سنوات ,واجهت دبي نفس الأزمة ,وفقد الكثير من الناس مساكنهم وصدر قرار للبنوك بعد عدة أشهر من الأزمة بعدم اقراض أي موظف يقل راتبه عن 20 ألف درهم بعد ان كان متاحا لمن رواتبهم 5 الاف درهم.
لذا لابد من تحكيم العقل قبل اصدار الآراء وعدم الاندفاع، خصوصاً اننا نعاني من عدم نضج السوق العقاري على كافة المستويات، وعدم القدرة على الوفاء بالقروض طويلة الأجل ولا مجال للمجازفة.
هذه النسبة رغم ارتفاعها تضمن القدرة على الوفاء، وتقليل حجم الفوائد، وتقليص نسبة المخاطرة، وتضمن قدرة السداد للمواطن على المدى البعيد، وتحجيم المتلاعبين في السوق مع ظهور شركات التأمين وإعادة التأمين التي ستتسبب في تضخم الأسعار.
والمرونة الزائدة في مثل هذه الأنظمة ستسهم في حل الازمة بشكل سريع لكنها قد تتسبب في ازمة اقتصادية قد تطال الجميع عندما يفتح الباب على مصراعيه ويحدث التعثر وعدم القدرة على الوفاء بالقرض وانعكاسه على الاقتصاد الوطني سلباً,وسياستنا النقدية دائما متحفظة ونحن ننتقد ذلك كثيرا ومع مرور الأيام نكتشف أن هذه السياسة فعالة وقد ابعدتنا عن الكثير من المآزق والأزمات التي عصفت بدول أخرى ولم تسلم منها الدول المتقدمة بما فيها أمريكا.
ومن وجهة نظري النسبة المقبولة التي يمكن أن يتحملها المقترض لمثل سوقنا هي بين 15 الى 20 بالمئة، ومثل هذا القرار يحتاج الى وقت ورقابة صارمة لجهات التمويل والتأكد من عدم تجاوزها للنظام والالتفاف عليه.
المصدر :جريدة الرياض