لو ظهر وزير الإسكان وقال إن خدمة المواطن هي الأولوية رقم واحد في عمل وزارة الإسكان واستراتيجيتها للخمس سنوات القادمة ستركز على حل مشكلة الإسكان لجميع الشرائح. مع الحرص على تنظيم عمل السوق العقاري وإيجاد الحلول والبدائل التي تسهل على المواطنين تملك مساكنهم، ووضع الأنظمة التي تراعي حقوق جميع العاملين في السوق العقاري بما لا يتعارض مع مصلحة الوطن والمواطن. يا ترى كيف سيكون رد فعل الشارع السعودي؟
وزير الإسكان لم يكن موفقا في طريقة عرضه وفي أسلوب إيصال الرسائل في لقاء نظمته احدى الجهات.. نتج عنه نقد لاذع وتهكم لم أرَ له مثيلا في قضية تهم المجتمع. ولم يكن لزاما على الوزير الظهور بهذه الطريقة بل كان الأجدى تنظيم لقاء بإشراف فريق عمل الوزارة يكون الهدف منه عرض خطة عمل الوزارة للخمس سنوات القادمة والحلول التي سيتم تقديمها والاعمال التي سيتم إنجازها وتواريخها ومدى فائدتها للمواطن.
رغم ان كلمته التي استمرت حوالي 16 دقيقة تناولت العديد من النقاط وأكثر ما ورد فيها كلمة فكر التي أصبحت مجالا لتندر الجميع، الا ان هناك نقاطا هامة وردت في كلامه وفيها تشخيص لجزء كبير من المشكلة وحلها ويبقى ترتيب الأولويات والحديث بطريقة توضح سبل حل الازمة مع ترابطها بحيث تؤدي الغرض.
نعم لدينا ازمة فكر عقاري واسكاني ولكنه يشمل الجميع بدءا من قمة الهرم وانتهاء بالمواطن، وكان الاجدر البدء في نقد فكر الجهات الحكومية المعنية بقضية الإسكان والتي ظلت غائبة عشرات السنين وفي مقدمتها وزارة التخطيط والبلديات والمالية والعدل وأخيرا الإسكان وهم من كان فكرهم بعيدا عن المشكلة وسبل حلها حتى تراكمت وصَعُب حلها.
كل هذا نتج عنه الاحتكار، ومنح الأراضي الكبيرة، وعدم ايصال الخدمات لمنح المواطنين، المضاربة في الأراضي، تضخيم الأسعار، المماطلة والتعقيد في استخراج التصاريح من الجهات الرسمية، عدم وجود هيئة تنظم السوق، تعدد الجهات الحكومية المعنية بقضية الإسكان، عدم السماح بتعدد الأدوار، عدم الاهتمام بتنفيذ الضواحي السكنية، عدم وجود شركات تطوير عقاري كافية، ضعف قنوات التمويل. مما أدى الى تجاوز الأسعار للقدرة الشرائية للمواطن واصبحت المشكلة مستعصية وحلها يحتاج الى وقت وجهد ومال مضاعف.
لو ركز الوزير على تقديم تصور لحل هذه المعضلات أولا، بعدها يمكن الحديث عن فكر المواطن والعمل على تغيير ثقافته والمساهمة في رفع مستوى الوعي لديه ادخارا ومساحة وموقعا وبناء.
معالي الوزير لديك الإمكانيات الفنية والقدرة والخبرة التي تمكنك من حل هذه المعضلة حتى لو تطلبت عشر سنوات، المهم ان تبدأ بالأهم ثم الاقل أهمية. وليكن المواطن في أعلى القائمة..