تواجه السوق المالية السعودية مشكلة تقييم العقارات الاستثمارية، خاصة تقييم العوائد ومنها الإيجارات، ذلك أن مثل هذا التقييم هو محك تفسير المتداولين لإدراج الصناديق العقارية الاستثمارية في السوق، فإذا كانت العوائد المعلنة فعلا ويتم توزيعها تقل عن توقعات أو تلك التي تم الإعلان عنها في نشرات الإصدار عند الإدراج وأصبحت هذه ظاهرة عامة فإن المتداولين أمام خيارين هما عدم التداول وبذلك ينتهي مشروع تطوير السوق العقارية من خلال هذه الصناديق لأنها ستفقد مصداقيتها أو أن يتم التحول من الاستثمار إلى المضاربة وبذلك يفشل هدف هيئة السوق المالية في إدراج هذه الصناديق. ولحل هذا الموقف وضعت هيئة السوق المالية، والهيئة العامة للمقيمين المعتمدين، ضوابط جديدة لتقييم العقارات التابعة لصناديق الاستثمار العقارية المتداولة، بهدف ضبط عملية التقييم، ومنع تضليل المساهمين بالعوائد الاستثمارية العالية للصندوق.
مشكلة التقييم هي مشكلة محاسبية في المقام الأول، ذلك أن أعمال المحاسبة أساسا تنحصر في القياس (تحديد القيمة) وفي الإبلاغ (العرض والإفصاح في القوائم المالية)، ولهذا لم تكن مشكلة تقييم العقارات والإيجارات غائبة عنها، وقد استمر الجدل حولها لعقود طويلة، والجدل دار حول ضرورة ومنفعة القيمة التاريخية للأصول التي تضمن الموضوعية، والمرونة المقبولة لمنح الإدارة إعادة تقييم أصولها. وبين الأمرين عاشت الولايات المتحدة كارثة مالية جرت معها العالم نحو كوارث اقتصادية وسياسية، ولقد قيل إن مبدأ تلك الكارثة المرونة العالية في تقييم الأصول العقارية وعوائدها.
ولقد جاءت الحلول الجذرية (حتى الآن على الأقل) بمعايير محاسبية عميقة كانت تمس بشكل أساس ما اصطلح عليه بالقيمة العادلة Fair value، وفي هذا الموضوع بالذات صدر المعيار الدولي رقم 13 الذي اعتمدته الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وكذلك معايير أخرى لحساب القيمة العادلة للإيجارات.
الأصل في القيمة العادلة أنها القيمة السوقية للأصل (العقار هنا)، في العادة فإنه من السهولة بمكان أن يتم تحديد القيمة السوقية في سوق فعالة ومعلنة، بمعنى أن يكون الأصل تحت التقييم موجود في سوق معلنة (مثل السوق المالية) وله سعر معلن، لكن في كثير من الأصول يصعب أن تجد لها سوقا بهذا المعنى، ولهذا فإن المعايير الدولية تقضي باتباع منهج موثق للتقييم، يأخذ في الاعتبار المخاطر التي تحيط بالأصل والسوق وهنا من ينادي باستخدام نماذج تقييم يرتبط بنموذج رياضي وهذا التقييم يأخذ في الاعتبار القيمة الاستثمارية المستقبلية وفق نماذج علمية التي قد تختلف عن قيمة الأصل فيما لو تم بيعه فعلا الآن، وهذا قد يجعل الأمر مضللا بعض الشيء، ولهذا صرح الأمين العام للهيئة العامة للمقيمين المعتمدين، “إنه قد تم اعتماد معايير التقييم الدولية وجرى التأكيد على ضرورة اتباع المقيمين لهذه المعايير والتثبت من القيمة الإيجازية في عقود التأجير، على أن تكون حقيقية ومماثلة لأسعار السوق.
إذا فهيئة السوق المالية من خلال هذا التعميم ترى عدم استخدام أسلوب النموذج الرياضي للتقييم، وهذا يتلاءم مع اتجاهات المعايير الدولية بل مع القيمة السوقية الفعالة، وهذا سيعتمد أساسا على نزاهة وقدرة إمكانات المقيم، ولهذا فقد شملت الضوابط التي أصدرتها الهيئة أن يكون المقيم معتمدا وفقا لنظام المقيمين المعتمدين، ولائحته التنفيذية “فرع تقييم العقارات” وملتزما بميثاق آداب وسلوك مهنة التقييم.