الاستمرار في بناء مزيد من الوحدات السكنية بمختلف أنواعها عملية لن تتوقف، سواء أكان ذلك لسد العجز من الاحتياج لهذه الوحدات السكنية على مدى خطط التنمية الماضية، أم تلبية ما تم إقراره في خطة التنمية الحالية، السؤال المهم والأساسي هو كيف وأين تقام تلك الوحدات السكنية الجديدة لنضمن بالفعل أنه تحقق من خلالها الاستغلال الأمثل لما تتوفر في مدننا من شبكة مرافق وخدمات عامة قائمة؟
إن التصور السائد لدى كثير من الناس أن إقامة مشروعات إسكان في الأحياء القائمة توجه غير محمود لما له من تأثير وعبء على البنية الأساسية في تلك الأحياء، بينما هناك في الواقع من الشواهد ما لا يتفق وهذا التصور، ففي مدننا بوجه عام مساحة من الأراضي المطورة المتوفر بها شبكة المرافق العامة الأساسية وبعض المرافق، ظلت شاغرة إلى اليوم، ولم يتم البناء عليها، وهي كافية بحد أدنى لاستيعاب ما يزيد على سبعة ملايين ساكن، وأكثر من مليون وحدة سكنية، تحتاج فقط لبرامج تحفيز للقطاع الخاص لإقامة وحدات سكنية عليها، وهي تعتبر بديلاً اقتصادياً أفضل على المدى القصير والبعيد عند مقارنته ببناء مشروعات إسكان حكومية، أو حتى خاصة في مواقع نائية خارج المدن، ينفق عليها مليارات الريالات لتوفير فقط بنية أساسية جديدة إضافية، وصرف النظر عن بنية أساسية قائمة تتقادم وينتهي عمرها الافتراضي بمرور السنوات.
لقد أوضحت دراسة تحليلية قام بها معهد (بروكنج) في الولايات المتحدة الأميركية أن تشتت التنمية وتبعثر مشروعاتها قد جعلا المدن الأميركية تنفق ما يزيد على المئة مليار دولار على مدى خمس وعشرين سنة ماضية لتوفير بنية أساسية كان يمكن الاستغناء عنها لو تحقق وجود تخطيط كفء وتكثيف للتنمية على نحو أفضل في تلك المدن، وهذه حال مدننا للأسف في الوقت الحاضر..!
أسوق ذلك ضمن إطار التفكير في خطط مشروعات الإسكان القادمة ومدى أخذها هذا البعد في الاعتبار لا سيما في مرحلة اقتصادية تتطلب الظروف التعايش معها جراء هبوط أسعار النفط وما قد تعانيه الميزانية الحالية والقادمة من عجز مالي جار الترتيب لتغطيته من خلال بيع السندات والسحب من الاحتياطيات المالية.