الأحياء العشوائية، مكان مخالف يكون متاحاً لنمو مجتمعات مخالفة للمسار الوطني سواء في وجودها أو الأماكن التي تقيم عليها.. بل إنها تصنع مباني لا تتوافق مع النسيج المثالي للمدينة التي تنمو بداخلها، أو حولها ومتعارضة مع الاتجاهات الطبيعية للنمو، والامتداد ناهيك عن أنها مخالفة للقوانين المنظمة للعمران.
وبلادنا ـ حفظها الله- قد عرفت الارتقاء والتطور وسبل العيش الكريمة، وبما فتح الباب لوافدين للمشاركة في البناء والخير، مستندة على أنظمة واضحة في الاستقرار والعمل والمشاركة في الحياة الاجتماعية، إلا أن ذلك لم يمنع من زيادة الهجرة إلى بلادنا بكل الوسائل بحثاً عن المشاركة في ذلك الخير.. لكن البعض قد اتبع طرقاً ملتوية لتنفيذ ذلك مخالفة الأنظمة بإيجاد أماكن إما من دون مقابل مادي أو رخيصة جداً، وهو ما أوجد تلك الأحياء ساعدهم في توجههم ذلك آخرون خصوصاً من فئة العمال النظاميين استهوتهم فكرة الوجود في أماكن رخيصة حتى لو كانت بيئتها الصحية والاجتماعية وحتى الأمنية ضعيفة.. لذا زادوا مأساة تلك التجمعات حتى باتت موطناً للأوبئة والمخدرات، والمخالفات الاجتماعية.
والآن مع توارد الأخبار وتأكيدها على أن أكثر مناطق انتشار كورونا تتمركز بشكل أكبر في الأحياء، والمناطق العشوائية المخالفة نؤمن بصحة ذلك لاسيما أن هذه الأحياء عادة ما تكون البؤرة المناسبة لانتشار الوباء، وبسبب مخالفتهم للنظام فهم يهربون من الرعاية الصحية، خوفاً من الرقابة الأمنية، والأكيد أن مثل ذلك يوجد بيئة غير نظيفة تسمح بالاكتظاظ السكاني، وعدم وعي صحي، وما إلى ذلك من انتشار للأمراض والأوبئة.
ووفقاً لما تحمله من أضرار كبيرة، ولأننا في زمن كورونا الخاص بالالتزام بالمكان الذي أنت فيه فإن فرصة القضاء على العشوائيات أمر متاح الآن بكل تجلٍ لا سيما أن هذه المناطق أو الأحياء قد تكشفت عن بؤر لهذا الداء مما زادت من عدد أرقام المصابين به.. وهو ما دفع الدولة إلى التواجد بكثافة داخل هذه الأحياء بطواقمها الصحية والأمنية لحماية ساكنيها من أنفسهم كي لا ينتشر بينهم الوباء، السيطرة عليها وإعادة ترتيبها من جديد، بل وتنظيم ساكنيها.. خصوصاً أن الأمر الآن فيه كثير من التسامح والقبول بعد أن أعلنت وزارة الداخلية عن كثير من الإجراءات التي تحمي حتى المخالفين لنظام الإقامة لأجل فحصهم من الداء.. بل وإصلاح وضعهم من جديد، ولن نشك أبداً أن النتيجة النهائية لإعادة تحسين تلك الأحياء ستفضي لتحسن مباشر وكبير في المنظومة الاجتماعية، وما يذهب إلى الصحة والأمن المجتمعي.
المهم في القول: إننا بحاجة إلى اتخاذ الإجراءات الحازمة لإيقاف داء العشوائيات، خصوصاً أنها تشكل غير انتشار الأمراض فيها بؤرًا لأصحاب السوابق والمخدرات والهاربين من العدالة، والأهم بأن تتم إعادة تخطيطها، أو القضاء عليها بما يتواكب مع المصلحة العامة، وبما يعود بالنفع على البلاد والعباد.